عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

يُسْعَفُ بمُرادِهِ, فتعَلّقتُ بأهْدابِهِ [1] لخَصائِصِ آدابِهِ, ونافَسْتُ في مُصافاتِهِ لنَفائِسِ صِفاتِه:

فكُـنتُ بهِ أجْلـو هُمـومي وأجْتَلـي

 

زمانيَ طلـقَ الوجْهِ مُلتَمِعَ الضّـيا [2]

أرَى قُـرْبَـهُ قُـرْبـى ومَـغْـنـاهُ غُـنْـيَـةً

 

ورؤيَـتَـهُ رِيًّـا ومَـحْـيـاهُ لي حَـيـا [3]

ولَبِثْنا على ذلِكَ بُرْهَةً [4], يُنْشئُ لي كلَّ يومٍ نُزهَةً, ويدْرَأُ عن قلبي شُبهَةً إلى أنْ جدَحَتْ لهُ


 



[1] قوله: [فتعَلّقتُ بأهْدابِهِ...إلخ] أى: بأذياله, و½الهُدْب¼ خيط يُرسَل في أطراف الثوب, وجمعه أهداب, ضُرب به مثلاً لتلزّمه به, وقوله: ½لخصائص آدابه¼ أي: لمكارم أخلاقه, و½نافس في الشيء¼ رغِب فيه على وجه المُباراة في الكرَم, قال الله تعالى: ﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ[المطفّفين:٢٦] أي: وفي ذلك فليتراغَب المُتراغِبون, و½المصافاة¼ المُخالَصة في المودة والإخاء, و½النفائس¼ الأشياء الخطيرة التي يرغب فيها, واحدتها ½نفيسة¼. (مغاني بزيادة)

[2] قوله: [أجْلو هُمومي...إلخ] أي: أزيلها وأكشفها, و½أجتلي زماني¼ أي: أنظر إليه مجلوًّا, يقال: ½فلان وجهه طلق¼ وطليق, أى ضاحك مشرق, و½يوم طلق بيّن الطلاقة¼ أي: مشرق لا حرّ فيه ولا برد, و½ملتمع الضيا¼ المضيء, مِن ½لمع البرق¼ أي: أضاء. (مغاني)

[3] قوله: [أرَى قُرْبَهُ قُرْبى...إلخ] ½القربى¼ القرابة, ومنه قوله تعالى: ﴿وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ[الإسراء:٢٦], و½القرب¼ في المكان, و½القربة¼ في المنزلة, و½القربى¼ في الرحم, وأصلها وحدٌ وهو خلاف البُعد, و½المغنا¼ المنزل, و½الغنية¼ الغناء, الاكتفاء بالشيء, و½الريّ¼ مصدر مِن ½رَوي من الماء¼ إذا اكتفى منه, و½محياه¼ أي: حياته, و½الحَيا¼ مقصوراً المطَر والخِصْب وما يحيى به الأرضُ والناسُ. يقول: إنه كان بمصاحبته أبا زيد يزول همّه, ويلقاه ببشر منه, فيرى قربه منه بالودّ كقرابة النسب, وكان منزله لما يجد فيه من الخصب أو من غزارة العلم يرى أنه غناه, وإذا رآه زال عطشه للعلم والعلماء برؤيته. (مغاني, الشريشي بزيادة)

[4] قوله: [ولَبِثْنا على ذلِكَ بُرْهَةً...إلخ] ½لبثنا¼ مكثنا, و½البرهة¼ -بضمّ الباء وفتحها- المدّة الطويلة, و½ينشئ¼ يجدّد, و½النزهة¼ الفرحة, وقيل: التباعد من الأوساخ والشرور, و½يدرؤ¼ أي: يدفع, و½شبهة¼ إشكال والتباس, و½جدحت له¼ أي: خلطَت ومزجَت, و½الجدح¼ في الأصل خلط السويق بالماء واللبن, وأراد به هنا المزج, و½الإملاق¼ الافتقار, قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖۖ[الإسراء:٣١], أي: من خوف الفقر, شبّه ½الإملاق¼ بإنسان فأثبت له اليد ترشيحاً وشبّه ½الفراق¼ بالخمر التي مِن شأنها الذهول وعدَم الإدراك لشاربها تشبيهاً مضمراً في النفس وأثبت لها الكأس. (مغاني, الرازي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132