عنوان الكتاب: فضائل الصدقات

الخدمات، ويسعى في تأمين احتياجاتها عن طريق أهل الخير المتعاونين في خدمة هذا الدِّين الذي هو سبيلنا وطريقنا إلى ربّنا جلّ وعلا.

وقد ذكر الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في "إحياء علوم الدين": كان بعض العلماء رحهم الله تعالى يُؤْثِر بالطّعام فقراءَ الصوفية دون غيرهم، فقيل له: لو عمّمتَ بمعروفك جميع الفقراء لكان أفضل؟

فقال: لا، هؤلاء قوم همُّهم لله سبحانه، فإذا طرقتْهما فاقةٌ تشتّت همّ أحدِهم فلأنّ أرد همّة واحد إلى الله عزّ وجلّ أحبّ إليّ من أنْ أعطي ألفًا ممّن همّته الدنيا.

فذكر هذا الكلام لسيدنا الجنيد البغدادي رحمه الله تعالى: فاستحسنه وقال: هذا ولي من أولياء الله تعالى، وقال: ما سمعتُ منذ زمان كلامًا أحسن من هذا[1].

وكان سيدنا عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى يُخَصِّصُ بِمَعْرُوفِهِ أَهْلَ العِلْمِ، فقيل له: لَوْ عَمَّمْتَ؟

فقال: إِنِّي لَا أَعْرِفُ بَعْدَ مَقَامِ النُّبُوَّةِ أَفْضَلَ مِنْ مَقَامِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا اشْتَغَلَ قَلْبُ أَحَدِهِمْ بِحَاجَتِهِ لَمْ يَتَفَرَّغْ لِلْعِلْمِ وَلَمْ يُقْبِلْ عَلَى التَّعَلُّمِ فَتَفْرِيغُهُمْ لِلْعِلْمِ أفضل[2].


 

 



[1] "إحياء علوم الدين"، كتاب الزكاة، ۱/۲۹۴.

[2] "إحياء علوم الدين"، كتاب الزكاة، ۱/۲۹۴-۲۹۵.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

32