عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

هنا يمكن أن يقول قائل: إنّ الحديث جارٍ على مذهب الصاحبين ومذهبهم أنّ وقت الظهر إلى المثل، ولا ريب أن لا مكروه في هذا الوقت، أمّا على مذهب الإمام فلا يثبت من الحديث نفي الكراهة في وقت الظهر بتوجيهنا هذا. أجاب الشيخ عن هذا بأنّكم إن فسّرتم هذا الحديث على مذهب الصاحبين فوجب أن تقولوا بصيرورة الصلاة قضاء بعد المثل، لا مكروهة فحسب. (والحاصل: أنّ القائل بكراهة ماشٍ على مذهب الإمام، فلا يسوغ له حمل الحديث على خلاف مذهبه فافهم، قال: ثم رأيت في البحر الرائق ما نصّه: الفجر والظهر لا كراهة في وقتهما، فلا يضرّ التأخير اﻫ. فهذا نصّ فيما قلنا وبالله التوفيق، ولا يمكن أن يقال: إنّ صاحب البحر نفى الكراهة في وقت الظهر لموافقته مذهب الصاحبين؛ لأنّه معلوم أنّ صاحب البحر من الذين اعتمدوا قول الإمام في وقت الظهر).

فهذا من غزارة علمه أنّه إذ لم يجد نصّاً فقهيّاً في عدم الكراهة في وقت الظهر تمسّك بالحديث الواضح واستنبط الحكم،  وبعد إذ رأى نصّ البحر نقله وأحكم دعواه به  علمنا منه أنّ الشيخ حيث يجد نصّاً من الفقهاء الأجلّة الكرام لا يستدل بالأصول إلاّ إن دعت حاجة إليه، وإذا لا يجد نصّاً معتبراً منهم يستدلّ، وهذا دليل اقتداره على الاجتهاد في المسائل، وإلى هذا أشار رضي الله تعالى عنه بما نصّه[1]:


 



[1] انظر ٠الفتاوى الرضويّة٠، خطبة الكتاب، ١/٨٦. [الجزء الأول, صـ٩٣].




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568