سافروا من المدينة إلى مكّة، ومراد القائل: لا يقصر هو ما صرّح به في البزازية من أنّه إذا خرج لتفحّص أحوال الرعيّة وقصد الرجوع متى حصل مقصوده، ولم يقصد مسيرة سفر حتّى إنّه في الرجوع يقصر لو كان من مدّة سفر، ولا اعتبار لمن علّل بأنّ جميع الولاية بمنـزلة مصره؛ لأنّ هذا تعليل في مقابلة النصّ مع عدم الرواية عن أحد من الأئمّة الثلاثة فلا يسمع) اﻫ.
يأتي الشيخ في جدّ الممتار بنصّ البزازية، ويستوفي الصور، ويبين أحكام الجميع، وتلخيص كلامه مع بعض عباراته فيما يلي:
(أقول: نصّ البزازية هكذا: (خرج الأمير مع الجيش لطلب العدوّ لا يقصر وإن طال سيره، وكذا إذا خرج لقصد مصر دون مدّة سفرٍ، ثمّ منه إلى آخر، كذلك؛ لعدم نيّة السفر، وكذا الإمام والخليفة والأمير والكاشف ليفحّص الرعيّة، وقصد كلّ الرجوع متى حصل مقصوده، ولم يقصدوا مسيرة سفر قصر أتمّوا، وفي الرجوع لو من مدّة سفر قصروا) اﻫ. [قال:] فهذه ثلاث صور، الأولى: الخروج لطلب العدوّ، والأخيرة لتفحّص الرعيّة، ومن قصده الرجوع متى حصل مقصوده، وهاتان واضحتا الحكم (أي: عدم القصر)، وبينهما صورة أخرى، وهو الخروج لمصر مسافته أقلّ من مدّة سفرٍ، ثمّ منه إلى آخر كذلك). ثمّ قسم هذه على عدة صور: (١) لم يجتمع من ذلك مدّة سفر. (٢) اجتمعت، لكن من قصده حين الخروج بلد دون مدّة سفر، ثم حدث له قصد آخر بعد وصول البلد المتوجّه إليه أوّلاً. (٣) خرج، ومن قصده مواضع عديدة ليست مقصودة بالذات، بل مقصوده الأصليّ أقصاها، وهو على مدّة السفر، وله بعض حاجات في مواضع واقعة في البين.