أهمية الوفاء بالوعد | الشيخ طارق المحمد


نشرت: يوم الأَربعاء،10-يوليو-2019

أهمية الوفاء بالوعد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

مدح القرآن الذين يوفون بالعهد بأحسن صفات المدح والثناء، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ:

يَا فَتًى، لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ (رواه أبو داود والبيهقي في السنن الكبرى)

هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لعبد اللَّه بن أبي الحمساء بكل رحمة وحلم حين تأخّر عليه وطال انتظار النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم له، طال انتظاره ليس لساعة أو ساعتين أو ثلاث بل انتظره أيامًا ولم يغضب منه أو يظهر له الضجر والسخط، فعلّمنا نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قيمة الوفاء بالوعد وأهمّيته مع الحلم على من تأخّر، من منّا ينتظر صاحبه هذه المدة؟ ومن الذي لا يغضب إن تأخّر عليه صاحبه؟، إنها النبوة التي تعلّم الأمّة أخلاق الإسلام، بل إنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان لا ينسى وفاء الماضي فكيف بالوفاء الحاضر والمطلوب.

فكان النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إذا أتى بالشيء يقول:

اِذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت صديقة خديجة، اذهبوا به إلى بيت فلانة فإنها كانت تحبُّ خديجة (رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان والحاكم عن أنس رضي الله عنه. وصححه الحاكم والذهبي...)

وحتى أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لم يخلف وعده أو عهده مع أعداءه، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ردّ إلى قريش أبا جنْدل لأجل العهد الذي كان بينه وبينهم وهو أن يرد إليهم من جاءه منهم مسلماً، وهكذا علّم أصحابه فكان مثلاً عظيماً في الوفاء بالعهود والوعود حتى شهد لهم القرآن بذلك فقال:

مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ رِجَالٞ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن يَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبۡدِيلٗا (الأحزاب: ٢٣)

ما أعظمك يا سيّدي يا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وما أعظم وفاءك، فأنت جامعة للوفاء التي خرّجت الأوفياء، فعلينا أحبتي الكرام أن نحفظ العهد ولا نخلفه وعلينا أن نتحلى بخلق الوفاء اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ونصبر على الوفاء به ونحذر من نقض العهود والوعود لأن ذلك من صفات أهل النفاق الذين جاء خبرهم على لسان حبيبنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:

آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (متفق عليه)

وقد مدح القرآن الذين يوفون بالعهد بأحسن صفات المدح والثناء فقال:

وَٱلۡمُوفُونَ بِعَهۡدِهِمۡ إِذَا عَٰهَدُواْۖ وَٱلصَّٰبِرِينَ فِي ٱلۡبَأۡسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلۡبَأۡسِۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ (البقرة: ١٧٧)

جعلنا الله وإياكم من المتقين الذين يوفون بعهدهم ويتخلقّون بأخلاق القرآن، ومقتدين بمن كان خلُقه القرآن صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي قال:

إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ (مسند البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه.)

آمين.. والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية