عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

﴿ فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ ﴾ [المائدة:١٤٤], ومن الطِباق نحو قوله: تَرَدَّى ثِيَابَ الْمَوْتِ حُمْرًا فَمَا أَتَى * لَهَا اللَيْلُ إِلاَّ وَهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ خُضْرٌ, ويلحق به نحو: ﴿ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ﴾ [الفتح:٢٩] فإنّ الرحمة مسبّبة عن اللين, ونحو قوله: لاَ تَعْجَبِيْ يَا سَلْمُ مِنْ رَجُلٍ * ضَحِكَ الْمَشِيْبُ بِرَأْسِهِ فَبَكَى ويسمّى الثاني إيهامَ التضادّ, ودخل فيه ما يختصّ باسم المقابلة وهي أن يؤتى بمعنيـين متوافقين أو أكثر ثمّ بما يقابل ذلك على الترتيب, والمراد بالتوافق خلاف التقابل نحو: ﴿ فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا ﴾ [التوبة:٨٢] ونحو قوله:    

(﴿فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ ﴾ ومن الطِباق) نوعٌ سمّاه بعضهم تدبيجًا وهو أن يذكر في معنى من المدح أو غيره ألوان لقصد الكناية أو التورية (نحو قوله) أي: قول أبي تمّام في مرثية أبي نهشل محمد بن حميد حين استشهد (تَرَدَّى ثِيَابَ الْمَوْتِ) أي: لبس الثياب التي كان لابسًا له وقت الموت (حُمْرًا) حال من ثياب (فَمَا أَتَى * لَهَا) أي: فلم يأت لتلك الثياب (اللَيْلُ إِلاَّ وَهْيَ مِنْ سُنْدُسٍ) هو رقيق الحرير (خُضْرٌ) من ثياب الجنّة, فقد جمع بين لونين وكنى بحمرة الثياب عن القتل وبخضرة الثياب عن دخول الجنّة (ويلحق به) أي: بالطباق الجمع بين معنيين ليس بينهما تقابل لكن يتعلّق أحدهما بمعنى يقابل الآخر (نحو) قوله تعالى: (﴿أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ﴾ فإنّ الرحمة) تقابل الفظاظةَ لا الشدّةَ لكنّها (مسبّبة عن اللين) وهو يقابل الشدّة (و) يلحق به أيضًا الجمع بين معنيين ليس بينهما تقابل لكن عبّر عنهما بلفظين بينهما تقابل (نحو قوله) أي: قول دِعْبِل الرافضي (لاَ تَعْجَبِيْ يَا سَلْمُ) ترخيم ½سلمى¼ (مِنْ رَجُلٍ *) أراد به نفسه (ضَحِكَ الْمَشِيْبُ) أي: ظهر البياض (بِرَأْسِهِ فَبَكَى) ذلك الرجل, فظهور المشيب لا يقابل البكاء لكنّ الضحك يقابله (ويسمّى) هذا (الثاني إيهامَ التضادّ) لأنه يُوهِم أنّ المتكلّم قد جمع بين معنيين متضادّين (ودخل فيه) أي: في الطِباق بمقتضى تفسيره (ما يختصّ باسم المقابلة) أي: قسمٌ يقال له ½المقابلة¼ (وهي) أي: المقابلة (أن يؤتى بمعنيـين متوافقين أو أكثر ثمّ) يؤتى (بما يقابل ذلك على الترتيب) بحيث يكون الأوّل للأوّل والثاني للثاني, وإنما دخل هذا في الطباق لأنه جمعٌ بين معنيين متقابلين في الجملة (والمراد بالتوافق) في قولنا ½أن يؤتى بمعنيين متوافقَين¼ (خلاف التقابل) أي: عدم التنافي, فمقابلة الإثنين بالإثنين (نحو) قوله تعالى: (﴿فَلۡيَضۡحَكُواْ قَلِيلٗا وَلۡيَبۡكُواْ كَثِيرٗا) أُتِيَ بالضحك والقلّة وهما متوافقان لعدم التنافي بينهما  ثمّ أُتِيَ بالبكاء والكثرة المقابلين لهما (و) مقابلة الثلاثة بالثلاثة (نحو قوله) أي: قول أبي دُلامة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229