عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وأصل الحسن في ذلك كلّه أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني دون العكس.

خاتمة في السَرِقات الشِعْرِيَّةِ وما يتّصل بها وغيرِ ذلك اتّفاقُ القائِلَيْنِ إنْ كان في الغَرَض على العموم كالوصف بالشَجاعة والسَخاء فلا يُعدّ سَرِقةً؛ لتقرّره في العقول والعادات, وإن كان في وجهِ الدلالة كالتشبيه والمجاز والكناية وكذكر هيئاتٍ تدلّ على الصفة لاختصاصها بمن هي له كوصف الجَوَاد بالتهلّل عند ورود العُفاة والبخيل بالعُبُوس مع سِعة ذات اليد فإن اشترك الناس في معرفته لاستقراره فيهما

(وأصل الحسن) أي: الأصل في ثبوت الحسن (في ذلك كلّه) أي: في جميع المحسنّات اللفظيّة (أن تكون الألفاظ تابعة للمعاني) بأن تُلاحَظ المعاني أوّلاً مع ما يقتضيه الحال فإذا أتي بالمحسنّات اللفظيّة بعد ذلك فقد تمّ الحسن (دون العكس) أي: دون أن تكون المعاني تابعةً للألفاظ بأن يؤتى بالألفاظ مصنوعة فيتبعها المعاني كيفما كانت كما في مقامات الحريري (خاتمة) أي: هذه خاتمة للفنّ الثالث (في) بيانِ كيفيّة (السَرِقات الشِعْرِيَّةِ) وبيانِ المقبول منها وغير المقبول (و) في بيانِ (ما يتّصل بها) أي: بالسرقات الشعريّة كالاقتباس والتضمين والعقد والحل والتلميح (وغيرِ ذلك) كالقولِ في الابتداء والتخلّص منه إلى غرض آخر والقولِ في الانتهاء (اتّفاقُ القائِلَيْنِ إنْ كان في الغَرَض) الكائن (على) وجه (العموم) بأن يكون ذلك الغرض ممّا يقصده كلّ أحد (كالوصف بالشَجاعة و) الوصف بـ(السَخاء) والذكاء والبلادة ونحو ذلك (فلا يُعدّ) هذا الاتّفاق (سَرِقةً) وأخذًا (لتقرّره) أي: لتقرّر مثل هذا الغرض العامّ (في العقول والعادات) فلا يعدّ أحدهما مأخوذًا منه والآخر آخِذًا (وإن كان) اتّفاقُهما (في وجهِ) أي: في طريق (الدلالة) على ذلك الغرض, ومثّل لوجه الدلالة بقوله (كالتشبيه والمجاز والكناية وكذكر هيئات) أي: أوصاف (تدلّ على الصفة) التي هي الغرض, وإنما تدلّ تلك الهيئات على تلك الصفة (لاختصاصها) أي: لاختصاص تلك الهيئات (بمن) أي: بموصوف (هي) أي: تلك الصفة (له) أي: لذلك الموصوف (كوصف الجَوَاد بالتهلّل) أي: بالابتسام والبشاشة (عند ورود العُفاة) جمع عافٍ وهو السائل, فإنّ هذه الهيئات أعني كون الإنسان متهلِّلَ الوجه عند ورود السائلين ينتقل منها إلى الوصف بالجود على جهة الكناية (و) كوصف (البخيل بالعُبُوس) عند ورودهم (مع سِعة ذات اليد) السعة هي الكثرة, وذات اليد هو المال, فإنّ هذه الهيئات أعني كون الإنسان عبوسًا عند ورود السائلين مع كثرة المال ينتقل منها إلى الوصف بالبخل على جهة الكناية, وأمّا العبوس مع قلّّة المال فهو دليل الكرم (فإن اشترك الناس في معرفته) أي: في معرفة وجه الدلالة (لاستقراره فيهما) أي:


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229