عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

كتشبيه الشُجاع بالأسد والجَوَاد بالبحر فهو كالأوّل, وإلاّ جاز أن يُدَّعَى فيه السبقُ والزيادةُ, وهو ضربان خاصِّيٌّ في نفسه غريبٌ وعامِّيٌّ تُصُرِّفَ فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما مرّ, فالأخذ والسرقة نوعان ظاهرٌ وغيرُ ظاهر, أمّا الظاهرُ فهو أن يؤخذ المعنى كلُّه إمّا مع اللفظ كلِّه أو بعضِه أو وحدَه, فإنْ أخِذَ اللفظ كلُّه من غير تغيـير لنظمه فهو مذموم؛ لأنه سَرِقة مَحْضة ويسمّى نَسْخًا وانتِحالاً كما حكي عن عبد الله بن الزَبِير أنه فَـعَلَ ذلك بقول مَـعْن بن أَوْس: إِذَا أَنْـتَ لَمْ تُـنْصِفْ أَخَاكَ وَجَدْتَـهُ * عَلَى طَرَفِ الْهِجْرَانِ

لاستقرار ذلك الوجه في العقول والعادات (كتشبيه الشُجاع بالأسد) في الشَجاعة (و) كتشبيه (الجَوَاد بالبحر) في الجود (فهو) أي: فالاتّفاق في وجه الدلالة (كالأوّل) أي: كالاتّفاق في الغرض العامّ في أنه لا يعدّ سرقةً وأخذًا (وإلاّ) أي: وإن لم يشترك الناس في معرفة وجه الدلالة بأن كان لا يصل إليه كلّ أحد لكونه ممّا لا ينال إلاّ بفكر بأن كان مجازًا مخصوصًا أو تشبيهًا على وجه لطيف (جاز أن يُدَّعَى فيه) أي: في وجه الدلالة هذا (السبقُ والزيادةُ) أي: جاز أن يحكم أنّ أحدهما أقدم والآخر أخذه منه وأنّ أحدهما أكمل فيه من الآخر (وهو) أي: وجه الدلالة الذي لا يشترك في معرفته الناس (ضربان) أحدهما (خاصِّيٌّ في نفسه غريبٌ) تفسير لقوله ½خاصّيّ¼ أي: لا يدركه إلاّ الأذكياء كتشبيه الشمس بالمِرآة في كفّ الأشلّ (و) ثانيهما (عامِّيٌّ) يدركه كلّ أحد لكنْ (تُصُرِّفَ فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة) كتشبيه الوجه البهي بالشمس في قوله: ½لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا...إلخ¼ (كما مرّ) في باب التشبيه والاستعارة (فالأخذ والسرقة) من عطف المرادف (نوعان) أحدهما أخذٌ (ظاهرٌ) بأن يكون لو عرض الكلامان على أيّ عقل حكم بأنّ أحدهما أصل والآخر مأخوذ (و) ثانيهما أخذٌ (غيرُ ظاهر) بأن يكون بين الكلامين تغييرٌ يُحوِّجُ العقلَ في حكمه بكون أحدهما أصلاً والآخر مأخوذًا إلى تأمّل (أمّا) الأخذُ (الظاهرُ فهو أن يؤخذ المعنى كلُّه إمّا مع) أخذ (اللفظ كلِّه أو) مع أخذ (بعضِه أو) يؤخذ المعنى كلُّه (وحدَه) من غير أخذ اللفظ كلّه أو بعضه (فإنْ أخِذَ اللفظ كلُّه من غير تغيـير لنظمه) أي: من غير تبديل في ترتيب مفرداته وتأليفها (فهو مذموم؛ لأنه سَرِقة مَحْضة ويسمّى) هذا الأخذ (نَسْخًا وانتِحالاً كما حكي عن عبد الله بن الزَبِير) شاعر مشهور وهو غير عبد الله بن الزُبَير بن العوام الصحابيّ (أنه فَعَلَ ذلك) أي: فعل النسخ والانتحال (بقول مَعْن بن أَوْس: إِذَا أَنْتَ لَمْ تُنْصِفْ أَخَاكَ وَجَدْتَهُ * عَلَى طَرَفِ الْهِجْرَانِ) الإضافة بيانيّة أي: على الطرف الذي هو الهجران


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229