عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وأخبارَه الظاهرةَ الدالّةَ على استحقاقه الإمامةَ دون غيره فلا يجدوا إلى منازَعته سبيلاً، وإلاّ وجب التقدير بحسَب القرائن، ثم الحذف إمّا للبيان بعد الإبهام كما في فعل المشيئة ما لم يكن تعلّقه به غريبًا نحو: ﴿ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ ﴾ [الأنعام:١٤٩] بخلاف ½وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ دَمًا لَبَكَيْتُهُ¼، وأمّا قوله: فَلَمْ يُبْقِ مِنِّي الشَوْقُ غَيْرَ تَفَكُّرِيْ * فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ بَكَيْتُ تَفَكُّرًا فليس منه

(و) يدرك السامع بالسمع (أخبارَه الظاهرةَ الدالّةَ على استحقاقه الإمامةَ) أي: في الإمامة (دون غيره) من الأعداء (فلا يجدوا) أي: الأعداء, عطف على ½يدركَ¼ المنصوب (إلى منازَعته) أي: منازعة الممدوح (سبيلاً) فنُزِّل ½يَرَى¼ و½يَسْمَعَ¼ منزلة اللازم ثمّ جُعِلا كنايتَيْنِ عنهما متعلِّقَيْنِ بمفعولٍ مخصوصٍ وهو محاسنه وأخباره بادّعاء الملازمة بين مطلق الرؤية ورؤية محاسنه وبين مطلق السَماع وسَماع أخباره فذكر الملزوم وأراد اللازم, ففي ترك المفعول إشعار بأن فضائله قد بلغت من الظهور والكثرة إلى حيث يكفي في إدراكها مجرّدُ أن يكون ذو سمع وذو بصر, ولفات هذا المعنى لو ذكر المفعول أو قدّر (وإلاّ) أي: وإن لم يكن الغرض إثباتَ الفعل للفاعل أو نفيه عنه مطلقًا بل قُصِد تعلُّقه بمفعولٍ غيرِ مذكور (وجب التقدير) أي: تقدير المفعول (بحسَب القرائن) فإن كان المدلول عليه بالقرينة عامًّا فاللفظ المقدّر عامّ نحو ﴿ وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ
إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ
﴾ [يونس:٢٥] أي: كلَّ واحد, وإن كان خاصًّا فخاصّ نحو ﴿ أَهَٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولًا﴾ [الفرقان:٤١] أي: بعثه, ولمّا فرغ من المقدّمة شرع في المطلب الأوّل فقال (ثم الحذف) أي: حذف المفعول (إمّا للبيان بعد الإبهام) ليكون أوقع في النفس (كما) يحذف المفعول (في فعل المشيئة) والإرادة والمحبّة, لكنه إنما يُحذَف (ما لم يكن تعلّقه) أي: تعلُّق فعل المشيئة ونحوه (به) أي: بالمفعول (غريبًا) أي: نادرًا فإن كان تعلُّقه به غريبًا لم يحذف, ثمّ مثّل المفعول الذي ليس تعلُّق فعل المشيئة به غريبًا بقوله (نحو) قوله تعالى: (﴿فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ) أي: ½فلو شاء هدايتكم¼, فلمّا قيل ½لو شاء¼ علم أنّ ثَمّ مفعولاً تَعلَّقَ به المشيئةُ لكنه مبهم ولمّا جيء بالجواب تبيّن ذلك المفعول لدلالته عليه (بخلاف) ما إذا كان تعلُّقه به غريبًا فإنه لا يحذف المفعول ح كما في قول أبي الهندام الخزاعي يرثي ابنه الهندام (½وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ دَمًا لَبَكَيْتُهُ¼) فلم يحذف مفعول ½شئت¼ وهو ½أنْ أبكي دمًا¼ مع أنّ الجواب يدلّ عليه لأنّ تعلُّق المشيئة ببكاء الدم غريب (وأمّا قوله) أي: قول أبي الحسن علي بن أحمد الجوهري (فَلَمْ يُبْقِ مِنِّي الشَوْقُ غَيْرَ تَفَكُّرِيْ * فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ بَكَيْتُ تَفَكُّرًا فليس منه) أي: ليس ممّا ذكر فيه مفعول المشيئة وهو ½أَنْ أَبْكِيَ¼ لأجل


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229