عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

واعلم أنّ للناس[1] في تفسير الفصاحة والبلاغة أقوالاً شتّى لا فائدة في إيرادها إلاّ الإطناب, فالأولى أن نقتصر على تقرير ما ذكر في الكتاب فنقول (الفصاحة) وهي في الأصل[2] تنبئ عن الإبانة والظهور يقال فصح الأعجمي و أفصح إذا انطلق لسانُه وخلصت لغتُه من اللُكنة وجادت فلم يلحن, و أفصح به أي: صرّح به (يوصف بها المفرد) يقال كلمة فصيحة [3] (والكلام) يقال كلام فصيح في النثر و قصيدة فصيحة في النظم (والمتكلّم) يقال كاتب فصيح و شاعر فصيح (والبلاغة) وهي تنبئ[4] عن الوصول والانتهاء (يوصف بها الأخيران) أي: المتكلّم والكلام (فقط) دون المفرد


 



[1] قوله: [واعلم أنّ للناس إلخ] اعتذار عن عدم إيراده أقوالاً شتّى للقوم في تفسير الفصاحة والبلاغة. قوله إلاّ الإطناب بالمعنى اللغَويّ وهو التطويل, فهو تأكيد الذمّ بما يشبه المدح كما في زيد لا خير فيه إلاّ أنه يسيء إلى من أحسن إليه. قوله فالأولى إلخ أي: فالواجب إلخ.

[2] قوله: [وهي في الأصل] أي: في اللغة. قوله الإبانة والظهور عطف تفسيريّ فإنّ الإبانة تجيء لازماً ومتعدِّياً, ولم يكتف بالظهور رعاية لعبارة "دلائل الإعجاز" وحلاًّ لها, وإنّما قال تنبيء إلخ ولم يقل الإبانة والظهور لأنه قد ذكر في كتب اللغة معان كثيرة للفصاحة فلعله لم يتبيّن عنده اشتراكها في تلك المعاني ولا كونها حقيقة في بعض ومجازاً في بعض آخر وكان جميع معانيها يشعر بالظهور فأخذ ما صفا وودع ما كدر. قوله يقال فصح الأعجميّ إلخ استشهاد على الإنباء المذكور.

[3] قوله: [يقال كلمة فصيحة] استشهاد على وصف المفرد بالفصاحة. قوله وقصيدة فصيحة إنّما مثّل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق في وصف الكلام بالفصاحة بين كونه منثوراً ومنظوماً, والقصيدة تطلق على عشرة أبيات أو سبعة أبيات فما فوقها وما دون ذلك يسمّى قطعة.

[4] قوله: [وهي تنبئ إلخ] أي: في الأصل, لم يصرِّح به هنا اكتفاءً بما ذكره سابقاً. قوله عن الوصول يقال بلُغ الرجل بلاغة إذا بلغ بعبارته كنه مراد, فإنه وصول مخصوص, وهي في الاصطلاح مطابقة الكلام الفصيح لمقتضَى الحال, والمناسبة بين المعنيين ظاهرة لتحقّق مطلق الوصول في كلّ. قوله والانتهاء عطف تفسير.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400