عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

أنْ أظَلّ التّنْويرُ [1], وجَشَرَ الصبْحُ المُنيرُ, فقضَيْناها ليلَةً غابَتْ شوائِبُها [2], إلى أنْ شابَتْ ذَوائِبُها, وكمُلَ سُعودُها, إلى أنِ انْفطَرَ عمودُها, ولمّا ذَرّ قرْنُ الغَزالَةِ [3], طمرَ طُمورَ الغَزالَةِ, وقال: انْهَضْ بِنا لنَقبِضَ الصِّلاتِ [4], ونستَنِضَّ الإحالاتِ, فقَدِ اسْتَطارَتْ صُدوعُ كَبِدي [5], منَ الحَنينِ إلى ولَدِي, فوَصَلتُ جَناحَهُ [6], حتّى سَنّيتُ نَجاحَهُ,    


 



[1] قوله: [إلى أنْ أظَلّ التّنْويرُ...إلخ] و½أظل الشيء¼ أي: أقرب ودنا, تقول: ½أظلّني فلان¼ إذا أقبل عليك, كأنك قلت: ألقى عليّ ظلّه, وأصله من إظلاء الغمام والشجر, و½التنوير¼ مصدر نوّره, بمعنى أناره, تقول: ½نوّر الصبح¼ أي: ظهر نوره, ½أظلّ التنوير¼ أي: دنا الإسفار وأقبل, و½جشر الصبح¼ أي: انفلق وطلع, ومنه: ½الجاشرية¼, وهي الشربة عند جشور الصبح, نسبة إلى الصبح الجاشر, يقول: حتّى أشرف تنوير الأفق وطلع الصبح المنير. (مغاني, المطرّزي)

[2] قوله: [فقضَيْناها ليلَةً غابَتْ شوائِبُها...إلخ] ½قضيناها¼ أتممناها, يقال: ½قضى لبانته¼ أي: أتمّ حاجته, و½شوائبها¼ ما ينكدها ويكدرها, و½الذوائب¼ الشَّعر الطويل الأسود, وأراد به ظلام الليل فجعل فيه بياض الصبح بمنزلة الشيب في سواد الشَّعر, و½انفطر¼ انشقّ وطلع, و½عمودها¼ أي: بياض صبحها, و½انفطر عمودها¼ أي: انشق عمود الصبح, وهو ما تبلج من ضوئه على التشبيه بذلك. (الشريشي, مغاني)

[3] قوله: [ذَرّ قرْنُ الغَزالَةِ...إلخ] أي: طلع حاجب الشمس, وهو أوّل ما يبدوا منها, يقال: ½ذرّ القرن والنبت¼ إذا طلع أدنى شيء منهما, من الذرّ وهو صغار النمل وما ينبث في الهواء من الهَباء, و½الغزالة¼ اسم للشمس في أوّل النهار, يقال: ½طلعت الغزالة¼ ولا يقال: ½غربت الغزالة¼, ولقد أبدع الحريري في تخييله بقِران القَرن مع الغزالة, و½طمر¼ أي: وثب, و½الغزالة¼ تأنيث الغزال, وهو ولد الظبي, أي: وثب وثوب ولد الظبي. (مغاني, المطرّزي)

[4] قوله: [انْهَضْ بِنا لنَقبِضَ الصِّلاتِ...إلخ] و½انهض¼ أي: قُم, و½الصلات¼ جمع صلة, وهي العطيّة, و½نستنضّ¼ أي: نستنجز ونأخذ الشيء بعد الشيء, وأصله مِن ½النضّ¼ وهو سيلان الماء قليلا قليلا, ويقال: ½خذ ما نض لك من دين¼ أي: تيسر, ويقال: ½نضّ المال¼ أي: صار عينا بعد ما كان متاعاً, و½الإحالة¼ مصدر ½أحال الغريم¼ إذا رفعه وساقه إلى غريم آخر, وجمعُها إحالات, والاسم ½الحوالة¼, إشارة إلى ما تقدّم من كتابتهم له حظوظاً بالصلة في قوله: ½وكتب له به قطاً¼ أي: قم بنا لنجمع العطايا والإنعامات من الناس ونأخذ الأشياء التي وُعِدنا بها. (مغاني بزياده)

[5] قوله: [اسْتَطارَتْ صُدوعُ كَبِدي...إلخ] ½استطارت¼ توسّعت وانتشرت, و½صدوع¼ شقوق, و½الحنين¼ الشوق والرحمة, أي: فقد انتشرت شقوق كبدي لأجل الشوق والرحمة إلى ولدي. (الشريشي)

[6] قوله: [فوَصَلتُ جَناحَهُ...إلخ] ½جناح الرجل¼ يده, ½وصلت جناحه¼ معناه: ساعدته وعاونته, و½سنّيت¼ سهّلت ويسَّرت, و½سنيت الشيء والأمر¼ إذا فتحت وجهه, و½النجاح¼ الظفر بالحاجة, و½نجاحه¼ قضاء حاجته, يعني: ساعدته وعاونته بأن مشيت معه لأسهل له في قضاء حاجته. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132