عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وشَرَرُ شرِّ الحَسودِ [1], وانْتِيابُ النُّوَبِ السُّودِ حتّى صفِرَتِ الرّاحَةُ [2], وقرِعَتِ الساحَةُ, وغارَ المنْبَعُ [3], ونَبا المَرْبَعُ, وأقْوى المجْمَعُ, وأقَضّ المضْجَعُ, واستَحالَتِ الحالُ [4], وأعْوَلَ العِيالُ, وخَلَتِ المَرابِطُ, ورَحِمَ الغابِطُ, وأَوْدى النّاطِقُ والصّامِتُ [5], ورَثَى لَنا الحاسِدُ والشّامِتُ,


 



[1] قوله: [شَرَرُ شرِّ الحَسودِ...إلخ] ½الشرر¼ جمع ½شررة¼ وهي ما تطاير من النار, ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّهَا تَرۡمِي بِشَرَرٖ كَٱلۡقَصۡرِ[المرسلات:٣٢], ½الحسود¼ الذي يتمنى زوال نعمة غيره إليه, يريد أنّ الحسود اتّبع ماله بالعين حتّى أهلكه, وقلّما يوجد الذي يرمي بالعين إلاّ حسود, و½الحسد¼ أول ذنب عُصِي الله به في السماء والأرض, أمّا في السماء فحسد إبليس آدم, وأمّا في الأرض فحسد قابيل هابيل, ½الانتياب¼ الإتيان مرّة بعد أخرى, ½النوب¼ النوازل, جمع نُوبَة, وهي النازلة والمصيبة, ومَن قال إنها جمع نائبة فقد غلط؛ لأنّ فاعلة لم تجمع على فُعَل, ½السود¼ كناية عن شدّتها. (الشريشي, الرازي)

[2] قوله: [حتّى صفِرَتِ الرّاحَةُ...إلخ] ½صفرت¼ أي: خلت من الدراهم, ½الراحة¼ الكفّ, وقيل: باطن الكف, ومعناه: حتّى فنى ما كان في يدي من المال, و½قرعت¼ أي: خلت من المال وصارت قرعاء, ومنه: ½قرع الرأس¼ وهو خلوه من الشعر, و½الساحة¼ عرصة الدار, وهو المكان الواسع منها الذي لا بناء به ولا سقف عليه, وفي الدعاء: نعوذ بالله من قرع الفناء وصفَر الإناء, أي: من خلوّهما. (الشريشي, الرازي)

[3] قوله: [وغارَ المنْبَعُ...إلخ] ½غار الماء¼ أي: سفل ونضب في الأرض, ومنه قوله تعالى: ﴿إِنۡ أَصۡبَحَ مَآؤُكُمۡ غَوۡرٗا[الملك:٣٠], و½المنبع¼ موضع نبوع الماء, و½نبا به منزله¼ أي: لم يوافقه, و½نبا¼ أيضاً تجافى وتباعد, و½المربع¼ وهو المنزل في الربيع, و½أقوى¼ أي: خلا, يقال: ½أقوت الدار¼ إذا خلت عن أهلها, و½المجمع¼ موضع الاجتماع, و½أقوى القوم عن المجمع¼ وهو المنزل الذي لا أنيس به, و½أقضّ المضجع¼ أي تترَّب وخشُن, يتعدى ولا يتعدى, وهو عبارة عن عدم القرار, يعني: لم يكن الاستقرار فيه من القلق والشدة, فلم يمكنه النوم عليه. (مغاني, الرازي بزيادة)

[4] قوله: [واستَحالَتِ الحالُ...إلخ] ½استحالت¼ أي: انقلبت وتغيّرت, و½حالُ الرجُل¼ كيفية الإنسان وما هو عليه من خير وشرّ, أو غِنًى أو فقر, يذكر ويؤنث, والجمع أحوال, و½الحال¼ أيضاًً المال, و½أعول العيال¼ أي: رفعوا أصواتهم بالبكاء, و½عيال الرجل¼ من يفتقر إليه في مُؤْنَته ونفَقته, واحدهم عَيِّل, و½المرابط¼ جمع المَربَط, وهو الموضع الذي يُربَط فيه الدواب, و½الغابط¼ فاعل من الغِبطَة, وهو الذي يتمنّى مِثل حال المَغْبوط من غير أن يريد زوالَها. (مغاني, الشريشي)

[5] قوله: [أودى النّاطِقُ والصّامِتُ...إلخ] ½أودى¼ أي: هلك, و½الناطق¼ كلّ حيوان له صوت, وأراد به المال من الحيوان مثل الإبل والبقر والغنم وكلّ ما يُتملَّك مِن ذي روح, سميت بذلك لأصواتها, وأراد بـ½الصامت¼ الذهب والفضّة والمتاع, أي: هلك المال كلّه ما له نطق من الإبل والبقر والغنم, وما ليس له نطق من الذهب والفضة والمتاع, ويقال: ½رثى له¼ إذا رقّ قلبه له ورحمه, و½الشامت¼ يقال: شمِت به يشمَت شَماتة, إذا فرح بحزنه وما أصابه من المكروه, وعن واثلة بن الأسقَع قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا تُظهِر الشَماتة لأخيك فيرحمهُ الله ويَبتَلِيك)). يعني: من كان يحسد ويفرح بحزننا ويشمَت بمكروهٍ أصابنا فاليوم رحمنا ورثى لنا. (مغاني, الشريشي بزيادة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132