عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

فحينَ مَلِلْنا السُّرَى [1], ومِلْنا إلى الكَرى, صادَفْنا أرْضاً مُخضَلّةَ الرُّبا, مُعتلّةَ الصَّبا, فتخيّرْناها مُناخاً للعِيسِ [2], ومَحطّاً للتّعريسِ, فلمّا حلّها الخَليطُ [3], وهَدَأ بها الأطيطُ والغَطيطُ, سمِعْتُ صَيِّتاً منَ الرّجالِ [4], يقولُ لسَميرِه في الرِّحالِ: كيفَ حُكْمُ سيرَتِكَ معَ جيلِكَ وجيرتِكَ؟ فقال: أرْعَى الجارَ [5] ولوْ جارَ, وأبذُلُ الوِصالَ لِمَنْ صالَ,   


 



[1] قوله: [مَلِلْنا السُّرَى...إلخ] ½مللنا¼ سئمنا وضجرنا, ½السرى¼ أي: السير بالليل, و½الكرى¼ النوم, و½مخضلّة¼ أي: مبتلّة بالندى, و½اخضلّ الشيء¼ أي: ابتلّ, و½الرُّبا¼ جمع ربوة وهو المكان المرتفع, و½معتلّة الصبا¼ أي: صباها لينة متمايلة كأنها عليلة, وهي صفة ثانية للأرض, يقول: حين سئمنا من السير في الليل واشتقنا إلى النوم وجدنا فجأة أرضاً تِلالها مبتلّة خصبة, وتهبّ بها الصبا ليّنةً. (مغاني, الشريشي, المصباحي)

[2] قوله: [فتخيّرْناها مُناخاً للعِيسِ...إلخ] ½تخير الشيء¼ أي: اختاره واصطفاه, و½المناخ¼ هو المبرك, و½العيس¼ الإبل البيض يخالط بياضها شيء من الشقرة, واحدها أعيَس, و½المحط¼ المنزل, و½التعريس¼ النزول آخر الليل للاستراحة, يعني: اخترنا تلك المنزلة المخصبة منزلاً لنا ومرعاً لدوابنا. (مغاني)

[3] قوله: [حلّها الخَليطُ...إلخ] ½حلّها¼ نزلها, و½الخليط¼, أي: الأصحاب, و½هدأ¼ أي: سكن, و½الأطيط¼ صوت الرَّحْل, وصوت يسمع من أجواف الإبل من ثقل أحمالها, و½الغطيط¼ أصوات الناس النيام, ولم يرد الغطيط في قوله: ½غطيط النائم¼؛ لأنهم رحلوا وما ناموا بعد فلم يكن لهم غطيط وهدر, والغطيط قبل هديره محال, والنوم مظنة الغطيط لا اليقظة, وإنما سكن غطيط الجمل الهائج وهو هديره حين حُطَّ عنه الحمل الثقيل ومدّ عنقَه على الأرض ليستريح. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [سمِعْتُ صَيِّتاً منَ الرّجالِ...إلخ] و½صيّتاً¼ جهير الصوت, ½رجل صيت¼ أي: شديد الصوت, وأصله ½صيوت¼ اجتمعت الواو والياء والأول ساكن فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصار ½صيتا¼, و½يقول¼ أي: قائلاً, فهو في موضع الحال من صيت, وإن كان نكرة؛ لتخصيصه بالوصف, أو مفعول ثاني لـ½سمعت¼, و½سميره¼ رفيقه الذي يسمُر معه بالحديث, و½في الرحال¼ هو في موضع النصب على الحالية من ½سمير¼, و½الرحال¼ منازل المسافرين, سمِّيت رحالاً باسم الرحال التي توضع فيها, و½الرَّحْل¼ اسم لما يحمله البعير من حمله وقتَبه وما يوطّأ به تحت الحمل, و½سيرتك¼ عادتك, و½جيلك¼ أهل عصرك, و½الجيل¼ أمة من الناس وصنف منهم, و½الجيرة¼ الجيران, وهو جمع الجار. (مغاني, الشريشي, الجوهرية)

[5] قوله: [أرْعَى الجارَ...إلخ] ½أرعى¼ أي: أحفظ, و½الجار¼ المجاور في المسكن, و½جار¼ ظلم وتعدّى ومال عن الحقّ, و½جارَ في الحكم¼ إذا لم يعدل, أي: أحفظ حرمة الجار وإن ظلمني, و½أبذل¼ أعطِي, و½الوصال¼ اللقاء, و½صال¼ أي: تكبّر وسطا. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132