عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وأُولي مُرافِقي مَرافِقي, وأُلينُ مَقالي للقالي [1], وأُديم تَسْآلي, عنِ السّالي, وأرْضى منَ الوَفاء [2] باللَّفاء, وأقْنَعُ منَ الَجزاء بأقَلّ الأجزاء, ولا أتظلّمُ حينَ أُظلَمُ [3], ولا أنْقَمُ, ولو لدَغَني الأرقَمُ, فقال لهُ صاحبُه: ويْكَ يا بُنيّ [4] إنّما يُضَنّ بالضَّنينِ, ويُنافَسُ في الثّمينِ, لكِنْ أنا لا آتي غيرَ المُؤاتي [5], ولا أسِمُ العاتي بمراعاتي,


 



[1] قوله: [أُلينُ مَقالي للقالي...إلخ] وصف القول باللين ورد في القرآن, قال الله تعالى: ﴿فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا[طه:٤٤], ½القالي¼ المبغض, و½قليت الرجل¼, أبغضتُه, و½تسآلي¼ كثرة سؤالي, السوال, و½السالي¼ الناسي للمودّة والتارك لها, و½سلا عنه¼ إذا نسيه وذهل عنه, يعني: ألين الكلام مع المبغض وأكثر السوال عن حال الناسي لمحبتي وتاركها. (الشريشي, مغاني بزيادة)

[2] قوله: [وأرْضى منَ الوَفاء...إلخ] و½اللفاء¼ الخسيس اليسير, وكلّ شيء حقير يسير فهو لَفاء, وأيضاً  ما كان دون الحقّ, يقال: ½لفأت الرجُل¼ إذا نقصته حقّه فأعطيتَه دون الوفاء, وأصل ½اللفاء¼ هو التراب وما على وجه الأرض من القُماش, ثمّ صار مستعاراً لما يقلّ ويبخس, و½أقنع¼ أرضي, والقناعة الرضا باليسير, و½الجزاء¼ المكافأة, وجازيتُه بما صَنع مثلُ كافأتُه, و½الأجزاء¼ الأنصِباء تقسّم على جماعة, واحدها جزء, و½أقلّها¼ أنقصها, أي: أرضي من حقي الكثير بالخسيس اليسير وأرضي عند المكافأة بأقلّ النصيب. (مغاني, المطرّزي, الشريشي بزيادة)

[3] قوله: [ولا أتظلّمُ حينَ أُظلَمُ...إلخ] ½أتظلّم¼ أشتكي مِن الظلم, ½لا أنقم¼ لا أنتقم, تقول: نقمت منه, إذا كافأته عقوبة بما صنع, و½الأرقم¼ الحيّة التي فيها سواد وبياض, يعني: لا أشكو الظلم ولا أعاقب صاحبي ولو بلغ في الإضرار مني الغاية, وتقول أيضاً: ½نقمتُ الشيء¼ إذا أنكرته, فمعناه على هذا: لا أنكر على صاحبي ولو بالغ في الأذى. (الشريشي)

[4] قوله: [ويْكَ يا بُنيّ...إلخ] ½وي¼ كلمة تعجب, والكاف للخطاب, أي: ما أعجبك, أو عجباً لك, وقيل: أراد ½ويلك¼, فحذف اللام, و½ضننتُ بالشيء¼ أي: بخلت به, و½الضنين¼ البخيل, وفي التنزيل: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى ٱلۡغَيۡبِ بِضَنِينٖ [التكوير:٢٤], و½ينافس في الثمين¼ أي: يرغب فيه للمباراة, قال الله تعالى: ﴿وَفِي ذَٰلِكَ فَلۡيَتَنَافَسِ ٱلۡمُتَنَٰفِسُونَ[المطففين:٢٦], و½الثمين¼ الشيء الكثير الثمن, و½إنما يضنّ بالضَّنين¼ هذا مثَلٌ, أول مَن قاله الأغلب العجليّ, وفسّره أبو عبيد, فقال: معناه: تمسّك بإخاء من تمسّك بإخائك, يقول: إنما أتمسّك وأتعلّق بصاحب تمسّك بي وعرف حقّي, فأنا أبخل به على غيري أن يشركني في صحبته كما يبخل بي هو على غيره. وقيل: ½الضنين¼ في المثَل هو الشيء المضنون به لنفاسته, فمعناه: إنما يُبخَل بالشيء النفيس الرفيع. (مغاني, الشريشي)

[5] قوله: [لا آتي غيرَ المُؤاتي...إلخ] ½المؤاتي¼ المطاوع والموافق, و½آتيته على ذلك الأمر¼ إذا طاوعته ووافقته, و½لا أسِم¼ يقال: وسَمَه يسِمه وسْماً وسِمَةً إذا أثر فيه بعلامة يعرف بها, و½العاتي¼ هو المبالغ في ركوب المعاصي المتمرّدُ الذي لا يقع منه الوعظ والتنبيه موقعا, تقول: عتى يعتو عتوًّا, أي: استكبر وجاوز الحدّ, و½المراعاة¼ المحافظة للودّ, والمحافظة على الحقوق. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132