عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

أخذوا يضيعون غيرتهم الحماسة لإسلامهم العادل الخالد وعلمهم الرفيع العالي وتراثهم الماضي الثمين. ولمّا رأى الغربيون الذين تخرجوا عليهم أنّهم رغبوا عن واجباتهم ومسؤولياتهم تقدموا نحوهم وتغلبوا عليهم وحلّوا محلّهم.

ولا شك أنّهم أثبتوا مؤهلاتهم في مختلف مجالات العلوم والفنون والسياسات والصناعات حتى أصبحوا اليوم قادة الأقوام وساسة الناس وزعماء العالم وآل إليهم الأمر في الأمور كلّها إلى القرن الجاري.

      وأصيب المسلمون بمركب النقص في هذه القرون وفشلت أمورهم وذهبت ريحهم والمتنورون المتجددون ثاروا على الحضارة الشرقية والديانة الإسلامية بتأثير التعليم والتربية في مدارس الغرب وكلياتها وجامعاتها وكثيراً ما كان أفراد الجيل الجديد قد شغبوا على المعتقدات الإسلامية  والشريعة الغرّاء وبعضهم خضعوا للمفاهيم والقيم الغير الإسلامية وأصبح بعض الأعراب يفكرون في العودة إلى جاهليتهم القديمة واقتباس بعض الأفكار والفلسفات من جاهلية الغرب الجديدة والكبرياء القومية والعصبية العنصرية والوطنية المحدودة وأخذوا يتهافتون على كلّ مورد بل على كلّ سراب تهافت الظمآن على الماء وحَوَمان الطائر على الغدير كالشيوعية والاشتراكية وغيرهما وجرى اندفاع متهور مجرّد عن كلّ أصالة وجد وحقيقة وجرت موجة شديدة في تقليد الغرب في فلسفاتها وأساليبها وقيمها وأقدارها وصوّغ الحياة صوغاً غربياً خالصاً.

      وهذا التيار الجارف أخذ يستهين وينظر بنظرة الاحتقار كلّ شيء كان يتعلق بالشرق وسمّوا استمرار الثبات على القديم بالرجعية والانجرار


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568