عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

ثمّ أقول: غير أنّ هذا الاحتمال لا مساغَ له في كلامهم بعد ملاحَظة المقابلات، أعني: أنّ ظنيّ الثبوت قطعي الدلالة والعكس يُثبتان الوجوب، فليس المراد بالظنّ إلاّ المصطلح.

قال[1]: (ومنعنا كون الخبرَين من ذلك، بل نفي الكمال فيهما احتمال يقابله الظهور [أي: فليس مشكوكاً بل موهوماً، قال:] فإنّ النفي تسلّط على الوضوء والصّلاة فيهما، فإن قلنا: النفي لا يتسلّط على نفس الجنس بل ينصرف إلى حكمه وجب اعتباره في الحكم الذي هو الصحّة، فإنّه المجاز الأقرب إلى الحقيقة، وإن قلنا: يتسلّط هاهنا على الجنس؛ لأنّها حقائق شرعيّةٌ فتنتفي شرعاً بعدم الاعتبار شرعاً وإن وجدتْ حسّاً، فأظهر في المراد، فنفي الكمال على كلا الوجهين احتمالٌ خلاف الظاهر لا يصار إليه إلاّ بدليل. وإن أرادوا به ما فيه احتمال ولو مرجوحاً منعنا صحّة الأصل المذكور، [أي: إثباته ح السنّيةَ والندبَ لا الوجوب، بل يثبت الوجوب لحصول الترجيح وإن تطرق الظنّ إلى الطرفَين جميعاً، قال:] وأسندناه بأنّ الظن واجب الاتّباع في الأدلّة الشرعيّة الاجتهاديّة، وهو متعلقٌ بالاحتمال الراجح، فيجب اعتبار متعلقه، وعلى هذا مشى المصنّف رحمه الله تعالى في خبر الفاتحة حيث قال بعد ذكره من طرف الشافعي[2] رحمه الله تعالى: ولنا قوله تعالى: ﴿فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ﴾ [المزّمّل: ٢٠]، والزيادة عليه بخبر الواحد لا تجوز، لكنّه يوجب العمل فعملنا بوجوبها، وهذا هو الصواب). اﻫ


 



[1] ٠الفتح٠، كتاب الطهارات، بحث سنن الطهارة، ١/٢١.

[2] قد مرّت ترجمته صــ١٠٠.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568