الإسلام وسلوكيات المسلمين | الشيخ محمد عمران العطّاری


نشرت: يوم الثلاثاء،05-ديسمبر-2023

الإسلام وسلوكيات المسلمين

حكي أن الخليفة الرابع للمسلمين سيدنا عليًّا المرتضى كرّم الله وجهه تغلب على كافر وقعد على صدره ليقطع عنقه، فتفل الكافر نحوه فقام سيدنا علي كرّم الله وجهه عنه وقال: أعد المبارزة فسأله عن الباعث لتركه قتله مع قدرته عليه؟ فقال: لما فعلت الفعل الشنيع تحركت نفسي فخفت أن أقتلك غضبًا لها ليس لوجه الله تعالى، فأسلم الكافر لحسن نيته وخلوص طويته كرم الله تعالى وجهه الكريم (مرقاة المفاتيح: 7/12، تحت حديث: (3451).)

تذكّروا أيها الأحباء! أن غلبةَ سيدنا علي كرّم الله وجهَه على عدوّ الإسلام كان استجابةً لأمر الله تعالى ورسوله ﷺ، ولذلك كانت سيطرته عليه صحيحة مئة بالمئة، ولكنه تركَه لسبب فعلٍ قبيح من جانبه وترك قتله خشية أن يكون انتقاما منه بسبب فعلته، فهذا كان صحيحًا أيضًا يستحقُّ الثناء.

أهميةُ السلوكياتِ الحسنةِ في آخر الزمان:

السلوكياتُ الحسنةُ ضرورية اليوم كما كانت مهمة جدًّا في الماضي، وستظلُّ كذلك في المستقبل، وقد قال سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: حسن الهدى في آخر الزمان خَيْرٌ من كثير من العمل (إحياء علوم الدين: 1/113).

أيُّها الإخوة الأكارم! من الحقائق المعترفة بها أن السلوكياتِ الحسنة للإنسان تؤثِّر على الناس الذين يجالسونه، والسلوكيات الحسنة تؤثر إيجابيًّا، والسيئة تؤثر سلبيًّا، ثم تُصبح السيئةُ عائقا عن العادات الجيدة الكثيرة.

الأصاغر يتبعون سلوكيات الأكابر:

نعلم أنه في البيوت التي يلتزم كبارها بالصدق واللُّطف والأخلاق الحميدة ويلتزمون بالصلوات، فأطفالُهم غالبًا يلتزمون بتلك السلوكيات، وعلى العكس من ذلك فإن الناس الذين يتشاجرون مع بعضهم ويسبّون ويشتمون ويتهتّكون في سلوكيّاتهم فإن أطفالهم كذلك يسيرون على خُطى كبارِهم ويصبحون مثلهم في السلوكيات.

أثر السلوكيات الجيدة والسيئة:

أثر السلوكيات الجيدة والسيئة لا ينحصر داخل المنزلِ بل يتعدّاه إلى خارجه أيضًا؛ لأن كلَّ إنسانٍ عضوٌ من أعضاء المجتمع، وهم يتعاملون مع الآخرين بطريقة أو بأخرى لا محالة، إن في البيع والشراء والمعاملات، أو الزواج ومناسبات الفرح والحزن، والمهم أنهم يتواصلون مع بعضهم في آلاف المناسبات، فيُؤثرون على الآخرين إيجابيًا أو سلبيًا لا محالةً.

وفي الحقيقة يجب أن تكون سلوكياتنا داخل بيوتنا كما هي خارجها على ما جاء في كتاب الله تعالى وعلَّمنا إياه رسولُ الله ﷺ، ولكنه بسبب تقدّم التكنولوجيا أصبح العالَمُ كلُّه بمثابة قرية واحدة، فعندما يحدُث شيءٌ مهما كان صغيرًا بل وفي زاوية من أرجاء العالم فإنه يَصلُ إلى الزاوية الأخرى من العالَم بغضون دقائق معدودة، وفي هذه المواقف تزداد مسؤولياتُنا أكثر لأننا مسلمون.

وباعتبار أننا مسلمون فعلينا أن نتأمّل:

* هل الكذبُ في كل صغيرة وكبيرة يُقرِّب غيرَ المسلم من الإسلام؟

* المشاجرةُ مع الآخرين في أمورٍ تافهةٍ هل تؤدِّي بغيرَ المسلم إلى اعتناق الإسلام أم رفضه؟

* أليس السبُّ والشتمُ واللا أخلاقية عائقًا أمام تعميم هدي وسنن رسول الله ﷺ؟

* حرمانُ البناتِ والأخواتِ من الميراث وظلمهن، أليس عائقاً في طريق وصول غير المسلمات إلى سماحة الإسلام؟

* ما هي الرسالة التي نقدّمها لغير المسلمين في خلو المساجد الكبيرة والجميلة من المصلين؟

* ترك صيام رمضان والأكل والشرب أمام المسلمين وغير المسلمين أثناء النهار، هل يزيد في أهمية الأحكام الإسلامية والعبادات؟

أيُّها الإخوة الأعزاء! اعلموا أنه إذا اقترب أحد من الإسلام واعتنقه بسبب سلوكياتنا وأعمالنا الحسنة فسيكون لنا ذلك صدقة مستمرة، وعلى العكس من ذلك لو ابتعد أحدٌ عن الإسلام بسببنا سيكون علينا آفة ذلك.

إن الله تعالى جعل أخلاق رسول الله ﷺ قدوة لجميع الخلق وخاصة في السلوكيات، ولعلوّ الأخلاق الحميدة عند رسول الله ﷺ فإن أعداؤه الألدّاء قد أسلموا وإن الله تعالى قال:

لَقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ [الأحزاب: 21]

أرجو من جميع الإخوة المسلمين أن يقوموا بتقييم سلوكياتهم إرضاءً لله تعالى، وأن يصلحوها إن دعت الحاجة إلى إصلاحها، ومن أجل الإصلاح عليهم أن يُعوِّدوا أنفسَهم على الاستماع إلى خطابات شيخي الداعية الإسلامي الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى ورعاه ومشاهدتها ومتابعة المذاكرة المدنية، وليملئوا كتيب الأعمال الحسنة بإخلاص (المعروف باسم "اثنان وسبعون عملاً صالحًا")فإنه ببركة هذه الأعمال ستُصبح سلوكياتُهم طاهرة ونقية، ويتأثر بها الناس الذين حولهم أيضًا إن شاء الله تعالى.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا التوفيق لإصلاح سلوكياتنا بجاه الحبيب المصطفى ﷺ، آمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية