عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

أمّا الوصف([1])فلا يجتمع مع العلميّة أصلاً. وشرطه([2])أن يكون وصفاً في أصل الوضع فـ½أسود¼([3])و½أرقم¼ غير منصرف وإن صارا اسمين للحيّة



([1]) قوله: [أمّا الوصف] هو في اللغة: ½ستودن شئ¼، وفي الاصطلاح يطلق على معنيين أحدهما: كونه تابعاً يدلّ على معنى في متبوعه، والثانِي: كونه دالاًّ على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتِها، فقولُهم: ½كون الاسم دالاًّ¼ جنس يشتمل لجميع الأسماء، وبقولِهم: ½على ذات¼ خرج ما يدلّ على المعانِي المصادر، وبقولهم: ½مبهمة¼ خرج ما يدلّ على ذات معيّنة كـ½زيد¼، وبقولِهم: ½مأخوذة مع بعض صفاتِها¼ خرج ما لا يدلّ على ذات مع بعض صفاتِها بل يدلّ على الذات فقط كـ½الرجل¼، فبقي على هذا ما يدلّ على الذات مع الوصف، وقوله: ½فلا يجتمع مع العلميّة أصلاً¼ أي: وضعيًّا كان أو عارضيًّا، لكونِهما متضادّين؛ لأنّ الوصف يقتضي العموم والعلميّة تقتضي الخصوص، "ي" وغيره.

([2]) قوله: [وشرطه] أي: شرط تأثير الوصف في منع الصرف، والشرط في اللغة: العلامة، وفي الاصطلاح: ما يتوقّف عليه الشئ ولا يكون منه، واعلم أنّ الوصف على نوعين: وضعيّ وهو ما وضع لذات مبهمة سواء بقي على ذلك الوصف كـ½ضارب¼ و½مضروب¼ أو لَم يبق عليه كـ½أحمر¼ علماً و½أسود¼ و½أرقم¼ علمين للحيّة، وعارضيّ وهو ما وضع لذات معيّنة ثُمّ صار لذات مبهمة كـ½أربع¼ في ½مررت بنسوة أربع¼ فإذا كان الأمر كذلك فالمعتبر في سببيّة منع الصرف هو الوصف الأصليّ لا العارضيّ، وينبغي أن يشترط أيضاً بأن لا يكون وضعاً في العلم عند سيبويه وأن يكون زائلاً بالعلميّة عند الأخفش، "ي".

([3]) قوله: [فأسود... إلخ] أي: كلّ واحد منهما غير منصرف وإن صارا اسمين للحيّة، الأوّل للحيّة الأسود أي: الّتِي فيها السواد، والثاني للحيّة الّتِي فيها السواد والبياض، فإن قلت: كيف يصحّ كون ½أسود¼ غير منصرف وليس فيه سبب سوى الوصف الأصليّ، لأنّ وزن الفعل مشروط بعدم قبوله التاء و½أسود¼ قابل لَها حيث يقال للحية الأنثى: ½أسودة¼، قلنا: المراد بعدم قبوله التاء أن لا يقبل التاءَ اللاحقةَ قياساً وفي ½أسود¼ تلحق التاء على خلاف القياس؛ إذ القياس أن يقال في مؤنثه: ½سوداء¼، وإنّما التاء ملحقة بسبب غلبة الاسميّة العارضيّة فلا عبرة لقبوله التاء؛ لأنه لا يضرّه الغلبة العارضيّة، فإن قلت: لو أنّ غلبة الاسميّة لا يضرّ الوصف فلِم ضعُف منع صرف ½أفعى¼ علماً للحيّة و½أجدل¼ علماً للصقر و½أخيل¼ للطائر، قلنا: غلبة الاسميّة على نوعين: مضرّة وغير مضرّة، فإن كان الوصف مشهوراً وظاهراً قبل العلميّة فغلبة الاسميّة لا يضرّ ذلك الوصف كما فِي ½أسود¼ و½أرقم¼، وإن كان غير مشهور وظاهر قبلها فغلبة الاسميّة يضرّ ذلك الوصف كما فِي ½أفعى¼ و½أجدل¼ و½أخيل¼؛ لأنه توهّم فيها أن يكون ½أفعى¼ مشتقًّا من الفعوة وهو الخبث فيكون ½أفعى¼ بمعنى الخبيث، وسُمّي به الحيّة لخباثتها، وأن يكون ½أجدل¼ من الجدل وهو القوّة فيكون ½أجدل¼ بمعنى القويّ سُمّي به الصقر لقوّته، وأن يكون ½أخيل¼ من الخيلان جمع خال وهو ما يكون على الجسم من النقوط والنقوش، فيكون ½أخيل¼ بمعنى ذي خيلان، وسُمّي به الطائر الّذي سُمّي به؛ لأنه ذوخيلان أي: ذونقوط وونقوش، وإنّما ضعُف منع صرف هذه الأسماء؛ لأنه لا قطع بكونِها أوصافاً في الأصل، وإنّما رجّح الانصراف فيها على عدم الانصراف مع أنه لا قطع بكونِها غير أوصاف أيضاً؛ لأنّ الانصراف أصل في الأسماء، "غ" وغيره.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279