عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

نحو: ½أكل الكُمّثْرى يحيى¼ و½ضرب عمرواً زيد¼، ويجوز حذف الفعل حيث كانت قرينة([1])نحو: ½زيد¼ في جواب من قال: ½من ضرب¼، وكذا يجوز([2])حذف الفعل والفاعل معاً كـ½نعم¼ في جواب من قال: ½أقام



([1]) قوله: [حيث كانت قرينة] أي: القرينة الدالّة على تعيين الفعل المحذوف؛ لأنّ القرينة هي ما تدلّ على تعيين المراد باللفظ أو تدلّ على تعيين المحذوف نحو: ½زيد¼ مقول في جواب من قال: ½من ضرب؟¼ فكلمة ½من¼ استفهاميّة مبتدأ و½ضَرَبَ¼ خبره، و½زيد¼ الواقع في الجواب فاعل الفعل المحذوف، تقديره: ½ضرب زيد¼ فحذف الفعل لوجود القرينة وهو ½ضَرَبَ¼ المذكور في السؤال، ويجب حذف الفعل في كلّ تركيب حذف فيه الفعل ثُمّ فسّر لرفع الإبهام الناشي عن الحذف نحو: قوله تعالى:﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ﴾[سورة توبة:٧] فههنا حذف الفعل واجب للقرينة وسدّ المسدّ، أمّا القرينة فهو دخول حرف الشرط على الاسم؛ لأنه لا يدخل إلاّ على الفعل وههنا ليس الفعل لفظاً بعد حرف الشرط فعلم أنه مقدّر، وأمّا سدّ المسدّ فهو إقامة المفسِّر مقام المفسَّر فيكون تقديره: ½إن استجارك أحد من المشركين استجارك فأجره¼ فحذف ½استجارك¼ الأوّل وأقيم الثانِي مقامه لئلاّ يلزم الجمع بين المفسَّر والمفسِّر؛ لأنه ممتنع إذا كان علّة تفسير المفسَّر رفع الإبهام الناشي عن الحذف وكان المفسَّر والمفسِّر متّحدين في المعنى، فإن قلت: قد يتحقّق الاجتماع بينهما كما في قوله تعالى حكاية عن قول يوسف على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾[يوسف: 4]، قلنا: لا نسلّم أنه جمع بين المفسَّر والمفسِّر بل قوله: ½رأيتهم لي ساجدين¼ جواب سؤال مقدّر؛ لأنه لَمّا قال: ﴿ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً﴾[يوسف: ٤] فكأنه قيل: ½كيف رأيتهم¼ قال: ﴿ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾[يوسف: ٤] فلا يكون من باب الاجتماع بين المفسِّر والمفسَّر بل يكون ذكرهما في الكلامين المستقلّين لا في كلام واحد، "ه".

([2]) قوله: [يجوز... إلخ] فإنّه يجوز ذلك حيث كانت قرينة إلاّ أنه لَم يصرّح المص بوجود القرينة لظهور أنه لا معنى للحذف بدون القرينة وكثيراً مّا لا يصرّح به، وقوله: كـ½نعم¼ في جواب من قال: ½أقام زيد¼، فهذا الحذف جائز لا واجب لعدم السادّ مسدّه؛ لأنّ كلمة ½نعم¼ حرف فلا يقوم مقام الفعل فبقي القرينة وحدها وهي سؤال السائل، فإن قلت: إنّ القول بعدم قيام الحرف مقام الفعل غير صحيح؛ لأنّ حروف النداء قد أقيمت مقام الفعل وهو ½أدعو¼ ولذا وجب حذفه في المنادى، قلنا: وجوب حذف الفعل في المنادى ليس لنيابة حروف النداء مقامه بل لكثرة الاستعمال، أو قلنا: إقامة

حرف النداء مقام الفعل سماعيّ لا يقاس عليه غيره، "سن" ملخّصاً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279