عنوان الكتاب: صحيح البخاري المجلد الثاني

فلبستهما، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيتلقاني الناس فوجا فوجا، يهونني بالتوبة يقولون: لتهنك توبة الله عليك، قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس، فقام إلى طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة، قال كعب: فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبرق وجهه من السرور: (أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك). قال: قلت: أمن عندك يا رسول الله، أم من عند الله؟ قال: (لا، بل من عند الله). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه، فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك). قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، فقلت: يا رسول الله، إن الله إنما نجاني بالصدق، وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا مالقيت. فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا كذبا، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيت. وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار - إلى قوله - وكونوا مع الصادقين}. فوالله ما أنعم الله علي من نعمة قط، بعد أن هداني للإسلام، أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله قال للذين كذبوا - حين أنزل الوحي - شر ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم - إلى قوله - فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين}.

قال كعب: وكنا تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا}. وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، إنما هو تخليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا، عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.

[2606]

76 - باب: نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر.

4157/4158 - حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين). ثم قنع رأسه وأسرع السير،




إنتقل إلى

عدد الصفحات

950