عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وذلك باطل بالاتّفاق, وإلاّ فتكون استعارة فلم يكن ما ذهب إليه مُغنِيًا عمّا ذَكَره غيرُه. فصل حسنُ كلٍّ من التحقيقيّة والتمثيل برعاية جهاتِ حسن التشبيه وأنْ لا يُشَمّ رائحتُه لفظًا, ولذلك يوصَى أن يكون الشبه بين الطرفين جليًّا لئلاّ تصير إلغازًا كما لو قيل: ½رأيت أسدًا¼ وأريد إنسان أبخر, و½رأيت إبلاً مائةً لا تجد فيها راحلة¼ وأريد الناس, وبهذا ظهر أنّ التشبيه أعمّ محلاًّ, ويتّصل به أنه إذا قوي الشبه بين الطرفين حتّى اتّحدا كالعِلْم والنُوْر

الحال بكذا¼ على التقدير المذكور (وذلك) أي: عدَمُ استلزامها إيّاها ووجودُها بدونها (باطل بالاتّفاق) من أهل الفنّ (وإلاّ) أي: وإنْ لم يُقدِّر التبعيّةَ التي جعلها قرينة للاستعارة بالكناية حقيقةً بل قدّرها مجازًا (فتكون) التبعيّة (استعارة) لأنه مجاز علاقته مشابهة (فلم يكن ما ذهب إليه) السكّاكيّ من ردّ التبعيّة إلى المكنيّ عنها (مُغنِيًا عمّا ذَكَره غيرُه) أي: غيرُ السكّاكيّ من أنها تبعيّة فإنه يضطرّ إلى القول بالاستعارة التبعيّة على تقدير التبعيّة مجازًا (فصل) في ذكر شرائط حسن الاستعارة (حسنُ كلٍّ من) الاستعارة (التحقيقيّة والتمثيل) على سبيل الاستعارة يحصل (برعاية جهاتِ) أي: أسبابِ (حسن التشبيه) كأن يكون وجه الشبه شاملاً للطرفين وأن يكون التشبيه وافيًا بإفادة الغرض ونحو ذلك ممّا سبق في باب التشبيه (و) بـ(أنْ لا يُشَمّ) شيء من التحقيقيّة والتمثيل (رائحتُه) أي: رائحةُ التشبيه (لفظًا) أي: من جهة اللفظ (ولذلك) أي: ولأجل أنّ شرطَ حسنِ كلٍّ من الاستعارتين أن لا يشمّ رائحة التشبيه لفظًا (يوصَى) من جهة البلغاء (أن يكون الشبه بين الطرفين جليًّا) أي: ظاهرًا (لئلاّ تصير) الاستعارة (إلغازًا) فإنّ الاستعارة إذا لم تشمّ رائحته وكان الشبه خفيًّا تصير إلغازًا, وهو مصدر ½ألغز في كلامه¼ إذا أخفى مرادَه (كما لو قيل) في الاستعارة التحقيقيّة (½رأيت أسدًا) في الحمّام¼ (وأريد) بالأسد (إنسان أبخر) أي: منتن رائحة الفم (و) قيل في الاستعارة التمثيليّة (½رأيت إبلاً مائةً لا تجد فيها راحلة¼) وهي البعير الذي يعدّه الرجل للارتحال عليه (وأريد) بالإبل (الناس) بجامع قلّة وجود الكامل مع كثرة أفراد الجنس, وحقّ مثل هذا أن تأتي بالتشبيه كما قال عليه الصلاة والسلام: ((اَلنَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لاَ تَجِدُ فِيْها رَاحِلَةً)) (وبهذا) أي: وبما ذكر من أنّ ما يكون فيه الوجه خفيًّا لا تنبغي فيه الاستعارة لئلاّ تصير إلغازًا (ظهر أنّ التشبيه أعمّ) من الاستعارة (محلاًّ) بمعنى أنّ كلّ محلّ صحّت فيه الاستعارة صحّ فيه التشبيه من غير عكس (ويتّصل به) أي: وينبغي أن يذكر متّصلاً بما ذكرنا (أنه إذا قوي الشبه بين الطرفين حتّى اتّحدا) أي: صار الطرفان كالمتّحدين في ذلك المعنى (كالعِلْم والنُوْر) في الاهتداء


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229