عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

فإنّ أبا تمّام لم يُلِمَّ بشيء من معنى قول الأَفْوَهِ: ½رأي عين¼ وقوله: ½ثقة أن ستمار¼, لكن زاد عليه بقوله: ½إلاّ أنها لم تقاتل¼ وبقوله: ½في الدماء نواهل¼ وبإقامتها مع الرايات حتّى كأنها من الجيش وبها يتمّ حسنُ الأوّل, وأكثرُ هذه الأنواع ونحوِها مقبولةٌ بل منها ما يُخرِجه حسنُ التصرّف من قبيل الاتّباع إلى حيّز الابتداع, وكلّ ما كان أشدّ خَفاءً كان أقربَ إلى القُبول, هذا كلّه إذا عُلِم أنّ الثاني أَخَذ من الأوّل لجواز أن يكون الاتّفاق من قبيل توارُد الخواطر أي: مجيئه على سبيل الاتّفاق من غير قصد إلى الأخذ, فإذا لم يُعلَم قيل: قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان فقال كذا, وممّا يتّصل بهذا..................................

(فإنّ) أي: لأنّ (أبا تمّام لم يُلِمَّ) أي: لم يأخذ (بشيء من معنى قول الأَفْوَهِ: ½رأي عين¼) الذي يدلّ على قرب الطير من الجيش (و) من معنى (قوله ½ثقة أن ستمار¼) الذي يدلّ على وثوق الطير بإطعام لحوم القتلى (لكن زاد) أبو تمّام (عليه) أي: على المعنى المأخوذ من قول الأفْوَهِ (بقوله: ½إلاّ أنها لم تقاتل¼ وبقوله: ½في الدماء نواهل¼ وبإقامتها مع الرايات حتّى كأنها من الجيش وبها) أي: وبإقامتها المذكورة (يتمّ حسنُ الأوّل) أي: حسنُ ½إلاّ أنها لم تقاتل¼ لأنّ قوله: ½أقامت...إلخ¼ مظنّةُ أنها أيضًا تقاتل مثل الجيش فيحسن استدراكه بقوله ½إلاّ أنها لم تقاتل¼ (وأكثرُ هذه الأنواع) الخمسة المذكورة لأخذٍ غيرِ ظاهرٍ (ونحوِها) أي: وأكثرُ مثلِ هذه الأنواع (مقبولةٌ بل منها) أي: من الأنواع المقبولة (ما يُخرِجه حسنُ التصرّف من قبيل الاتّباع إلى حيّز الابتداع) لأن الشيء كلمّا ازداد فيه لطائفُ كان أقربَ إلى الخروج عن الأصل ألا ترى إلى الجوهر مع الحجر والمسك مع الدم (وكلّ ما) أي: وكلّ نوع من هذه الأنواع (كان أشدّ خَفاءً) بأن لا يعرف كونه مأخوذًا من أصل إلاّ بعد مزيد تأمّل وإمعان نظر (كان أقربَ إلى القُبول) ممّا ليس كذلك (هذا كلّه) أي: كلّ ما ذُكِر من ادّعاء كون أحدِهما أصلاً والآخرِ مأخوذًا منه وكونه مقبولاً ومردودًا (إذا عُلِم أنّ) القائل (الثاني أَخَذ من) القائل (الأوّل) وإلاّ فلا يحكم بشيء من ذلك (لجواز أن يكون الاتّفاق) أي: اتّفاق القائلَيْنِ في اللفظ والمعنى أو في المعنى وحده كُلاًّ أو بعضًا (من قبيل توارُد الخواطر أي: مجيئه) الضمير للخاطر المفهوم من الخواطر أي: مجيءُ الخاطر (على سبيل الاتّفاق) أي: اتّفاق القائلَيْنِ (من غير قصد إلى الأخذ) تفسير لما قبله (فإذا لم يُعلَم) أنّ الثاني أخذ من الأوّل (قيل: قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان فقال كذا) ولا يقال إنّ الثاني أخذه من الأوّل لعدمِ علمِنا بذلك (وممّا يتّصل بهذا) أي: بالكلام في


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229