عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

ولا يضرّ التغيـيرُ اليسير, وربما سمّي تضمينُ البيت فما زاد اسْتِعَانَةً وتضمينُ المصراع فما دونه إِيْدَاعًا ورَفْوًا, وأمّا العَقْد فهو أن يُنظَم نَثْرٌ لا على طريق الاقتباس كقوله: مَا بَالُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ * وَجِيْفَةٌ آخِرُهُ يَفْخَرُ, عقَد قولَ عليّ رضي الله تعالى عنه: ½مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرَ وَإِنَّمَا أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَآخِرُهُ جِيْفَةٌ¼, وأمّا الحَلّ فهو أن يُنثَر نَظْمٌ كقول بعض المَغارِبَة: ½فَإِنَّهُ لَمَّا قَبُحَتْ فَعَلاَتُهُ وَحَنْظَلَتْ نَخَلاَتُهُ لَمْ يَزَلْ سُوْءُ الظَنِّ يَقْتَادُهُ وَيُصَدِّقُ تَوَهُّمَهُ الَذِيْ يَعْتَادُهُ¼, حَلَّ قولَ أبي الطيِّب: إِذَا سَاءَ فِعْلُ الْمَرْءِ سَاءَتْ ظُنُوْنُهُ * وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّم, وأمّا التلميح فهو أن يُشارَ إلى قصّةٍ أو شِعْرٍ من غير ذكره......................................

لأنّ قدّها يشبه العوالي في التمايل والطول ودموعي تشبه السوابق في التتابع والسرعة, ضمّن بيت المتنبّي: تَذَكَّرْتُ مَا بَيْنَ الْعُذَيْبِ وَبَارِق * مَجَرَّ عَوَالِيْنَا وَمَجْرَى السَوَابِق, المتنبّي أراد بالعذيب وبارق موضعَيْنِ وبما بينهما جرَّ الرماح وجريَ الخيل, وهو المعنى القريب, وأراد الشاعر الثاني بالعذيب تصغيرَ العذب وشفةَ الحبيبة وببارق ثغرَها الشبيهَ بالبرق وبما بينهما ريقَها, وهو المعنى البعيد, وقد شبّه قدَّها بالعوالي ودموعَه بالسوابق تشبيهًا ضمنيًّا (ولا يضرّ التغيـيرُ اليسير) في التضمين (وربما سمّي تضمينُ البيت فما زاد) كتضمين بيتين أو ثلاثة (اسْتِعَانَةً و) سمّي (تضمينُ المصراع فما دونه) كتضمين نصفه (إِيْدَاعًا ورَفْوًا) أيضًا (وأمّا العَقْد فهو أن يُنظَم نَثْرٌ) أي: يُجعَل النثرُ نظمًا سواء كان النثر قرآنًا أو حديثًا أو مَثَلاً أو غيرَ ذلك (لا على طريق الاقتباس) قيد في القرآن والحديث فقط لأنّ الاقتباس لا يكون إلاّ فيهما (كقوله) أي: قول أبي العتاهية (مَا بَالُ مَنْ أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ * وَجِيْفَةٌ آخِرُهُ يَفْخَرُ)  فـ(عَقَد) فيه الشاعر (قولَ عليّ رضي الله تعالى عنه: ½مَا لاِبْنِ آدَمَ وَالْفَخْرَ وَإِنَّمَا أَوَّلُهُ نُطْفَةٌ وَآخِرُهُ جِيْفَةٌ¼) يعني فمِن أين يأتيه الافتخار (وأمّا الحَلّ فهو أن يُنثَر نَظْمٌ) أي: يُجعَل النظمُ نَثْرًا (كقول بعض المَغارِبَة) جمع مغربيّ (½فَإِنَّهُ لَمَّا قَبُحَتْ فَعَلاَتُهُ) أي: أفعالُه (وَحَنْظَلَتْ نَخَلاَتُهُ) أي: صارت ثمارُ نخلاته كالحنظل في المرارة, شبّه حالَ من تبدّلت أوصافه الحسنة بالأوصاف المستقبحة بحال من له نخلات تُثمِر الحلو ثمّ انقلبت تُثمِر مُرًّا فاستعمل الكلام الدالّ على الحالة الثانية في الحالة الأولى على طريق الاستعارة التمثيليّة (لَمْ يَزَلْ سُوْءُ الظَنِّ يَقْتَادُهُ) أي: يقوده ظنّه السيِّئُ إلى توهّمات باطلة (وَيُصَدِّقُ) هو (تَوَهُّمَهُ الَذِيْ يَعْتَادُهُ¼) أي: يعاوده فيعمل بمقتضاه (حَلَّ) فيه (قولَ أبي الطيِّب: إِذَا سَاءَ فِعْلُ الْمَرْءِ سَاءَتْ ظُنُوْنُهُ * وَصَدَّقَ مَا يَعْتَادُهُ مِنْ تَوَهُّم) وزاد عليه قوله ½وحنظلت نخلاته¼ (وأمّا التلميح فهو أن يُشارَ) بفحوى الكلام (إلى قصّةٍ أو شِعْرٍ من غير ذكره) أي: من غير ذكر تلك القصّة أو ذلك الشعر


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229