عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

كان أحسن تطريةً لنشاط السامع وأكثر إيقاظًا للإصغاء إليه، وقد تختصّ مواقعه بلطائف كما في الفاتحة فإنّ العبد إذا ذكر الحقيق بالحمد عن قلب حاضر يجد من نفسه محرّكًا للإقبال عليه وكلّما أجرى عليه صفةً من تلك الصفات العِظام قوِيَ ذلك المحرّك إلى أن يؤول الأمر إلى خاتمتِها المفيدةِ أنه مالك الأمر كلّه في يوم الجزاء فحينئذ يوجِب الإقبالَ عليه والخطابَ بتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمّات، ومن خلاف المقتضى

(كان) ذلك الكلام (أحسن تطريةً) أي: تجديدًا (لنشاط السامع) أي: لأجل تحريك سروره (وأكثر إيقاظًا) أي: تنبيهًا (للإصغاء إليه) أي: لأجل الاستماع إلى ذلك الكلام؛ لأنّ كلّ جديد لذيذ, وهذا الوجه عامّ في كلّ التفات (وقد تختصّ مواقعه) أي: مواضع الالتفات (بلطائف) أي: محاسن ودقائق أخر (كما في) سورة (الفاتحة فإنّ العبد إذا ذكر الحقيق) أي: الجدير (بالحمد) وهو الله تعالى (عن قلب حاضر) بقوله ½الحمد لله¼ (يجد) العبد (من نفسه) أي: من قلبه معنىً (محرّكًا للإقبال عليه) أي: على ذلك الحقيق بالحمد (وكلّما أجرى عليه) أي: على ذلك الحقيق (صفةً من تلك الصفات العِظام) بقوله ½ربّ العلمين¼ و½الرحمن¼ و½الرحيم¼ (قوِي ذلك المحرّك إلى أن يؤول) أي: ينتهي (الأمر) في إجراء تلك الصفات (إلى خاتمتِها) أي: خاتمة تلك الصفات وهي قوله ½مالك يوم الدين¼ (المفيدةِ) تلك الخاتمةُ (أنه) أي: ذلك الحقيق (مالك الأمر كلّه في يوم الجزاء) لأنّ حذف مفعول ½مالك¼ للتعميم, وليس ½يوم الدين¼ مفعولاً بل هو ظرف أضيف إليه ½مالك¼ على تنزيل الظرف منزلة المفعول (فحينئذ) أي: فحين انتهى العبد في إجرائه تلك الصفات العظام على الحقيق بالحمد عن قلب حاضر إلى خاتمتها (يوجِب) ذلك المحرّك لتناهيه في القوّة (الإقبالَ عليه) أي: إقبال العبد على ذلك الحقيق (و) يوجِب (الخطابَ) أي: خطاب العبد ذلك الحقيق (بتخصيصه) متعلِّق بالخطاب (بغاية الخضوع) متعلِّق بالتخصيص, وغاية الخضوع هي العبادة فيقول ½إِيَّاكَ نَعْبُدُ¼ (و) يوجِب الخطاب بتخصيصه بـ(الاستعانة في) جميع (المهمّات) فيقول ½وَإِيَّاكَ نَسْتَعِيْنُ¼, فاللطيفة الداعية للالتفات هنا التنبيهُ على أنّ العبد ينبغي أن تكون قراءته بحيث يجد من نفسه ذلك المحرّك لتكون قراءته بالخطاب واقعةً موقعها, ولمّا انجرّ الكلام في أحوال المسند إليه إلى بيان ذكره على خلاف مقتضى الظاهر أراد أن يذكر بعض أقسامه وإن لم يكن من مباحث المسند إليه فقال (ومن خلاف المقتضى) أي: مقتضى الظاهر, وأشار بـ½من¼ إلى أنّ أقسامه لا تنحصر فيما ذَكَر فإنّ المجاز


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229