عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

ومِمَّا قيل في الزهد في الدنيا:

ترجو البقاء بدار لا بقاء لها
.

 

وهل سمعت بظلّ غير منتقل
.

      وقال الآخر:

سُجنت بها وأنت لها محبّ
فلا تلهو بدار أنت فيها
وتطعمك الطعام وعن قريب
.

 

فكيف تحبّ ما فيه سجنتا
تفارق منك يوماً ما لهوتا
ستطعم منك ما منها طعمتا

.

وفي الحديث دليل على قصر الأمل، وتقديم التوبة، والاستعداد للموت؛ فإن أمل فليقل: إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى:﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْيۡءٍ إِنِّي فَاعِلٞ ذَٰلِكَ غَدًا  إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ ﴾[الكهف:٢٣-٢٤].

 

قوله: (وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ) أمره أن يغتنم أوقات الصحّة بالعمل الصالح فيها، فإنّه يعجز عن الصيام والقيام ونحوها؛ لعلة تحصل من المرض والكبر.

وقوله: (وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ)، أمره بتقديم الزاد. وهذا كقوله تعالى:﴿ وَلۡتَنظُرۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٖۖ﴾ [الحشر:١٨]. ولا يفرط فيها حتّى يدركه الموت فيقول:﴿ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ  لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ﴾ [المؤمنون:٩٩-١٠٠]. وقال الغزاليّ رحمه الله تعالى: ابن آدم بدنه معه كالشبكة يكتسب بها الأعمال الصالحة، فإذا اكتسب خيراً ثم مات كفاه، ولم يحتج بعد ذلك إلى الشبكة، وهو البدن الذي فارقه بالموت، ولا شكّ أنّ الإنسان إذا مات انقطعت شهوته من الدنيا، واشتهت نفسه العمل الصالح؛ لأنّه زاد القبر، فإن كان معه استغنى به، وإن لم


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151