عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

وسئل الشيخ عزّ الدين ابن عبد السلام رحمه الله تعالى: عمّن صلَّى فطوّل صلاته من أجل الناس؟ فقال: أرجو أن لا يحبط عمله، هذا كله إذا حصل التشريك في صفة العمل، فإن حصل في أصل العمل بأن صلَّى الفريضة من أجل الله تعالى والناس، فلا تقبل صلاته لأجل التشريك في أصل العمل، وكما أنَّ الرياء في العمل يكون في ترك العمل. قال الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

ومعنى كلامه رحمه الله تعالى أنَّ من عزم على عبادة وتركها مخافة أن يراها الناس، فهو مُراءٍ لأنَّه ترك العمل لأجل الناس، أمَّا لو تركها ليصلّيها في الخلوة فهذا مستحبّ إلاّ أن تكون فريضة، أو زكاة واجبة، أو يكون عالِماً يقتدى به، فالجهر بالعبادة في ذلك أفضل، وكما أنَّ الرياء محبط للعمل كذلك التسميع، وهو أن يعمل لله في الخلوة ثم يحدث الناس بما عمل، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به))[1].

قال العلماء: فإن كان عالِماً يقتدى به وذكر ذلك تنشيطاً للسامعين ليعملوا به فلا بأس. قال المرزباني رحمه الله تعالى عليه: يحتاج المصلي إلى أربع خصال حتى ترفع صلاته: حضور القلب، وشهود العقل، وخضوع الأركان، وخشوع الجوارح، فمن صلَّى بلا حضور قلب فهو مصلٍ لاهٍ، ومن صلَّى بلا شهود عقل فهو


 



[1]       "صحيح مسلم"، كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، ر:٢٩٨٦، صـ١٥٩٤.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151