عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرى الْحُفَاةَ العُرَاةَ العَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُوْنَ فِي البُنْيَانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيَّاً ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكُمْ))، رَوَاهُ مُسْلِمٌ[1].

قوله عليه السلام: (أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَم)، الإيمان في اللغة: هو مطلق التصديق، وفي الشرع: عبارة عن تصديق خاصّ، وهو التصديق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرّه. وأمَّا الإسلام فهو عبارة عن فعل الواجبات، وهو الانقياد إلى عمل الظاهر. قد غاير الله تعالى بين الإيمان والإسلام كما في الحديث، قال الله تعالى: ﴿۞قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا ﴾ [الحجرات:١٤]. وذلك أنَّ المنافقين كانوا يصلّون ويصومون ويتصدّقون، وبقلوبهم ينكرون، فلمّا ادّعوا الإيمان كذَّبَهم الله تعالى في دعواهم الإيمان لإنكارهم بالقلوب، وصدّقهم في دعوى الإسلام لتعاطيهم إياه. وقال الله تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ -إلى قوله تعالى- وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ [المنافقون: ١] أي: في دعواهم الشهادة بالرسالة مع مخالفة قلوبهم، لأنّ ألسنتهم لم تواطئ قلوبهم، وشرط الشهادة بالرسالة: أن يواطئ اللسان القلب فلما كذبوا في دعواهم بيّن الله تعالى كذبهم،


 



[1]       "صحيح مسلم"، كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان...إلخ، ر:٨، صـ:٢١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151