عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

الأمور، وعلى وجوب الرضا بالقضاء. دخل رجل على ابن حنبل رحمه الله. فقال: عظني، فقال له: إن كان الله تعالى قد تكفّل بالرزق فاهتمامك لِمَاذا؟ وإن كان الخلف على الله حقاً فالبخل لِمَاذا؟ وإن كانت الجنّة حقًّا فالراحة لِمَاذا؟ وإن كانت النار حقًّا فالمعصية لِمَاذا؟ وإن كان سؤال منكر ونكير حقاً فالأنس لِماَذا؟ وإن كانت الدنيا فانية فالطمأنينة لِمَاذا؟ وإن كان الحساب حقاً فالجمع لِمَاذا؟ وإن كان كلّ شيء بقضاء وقدر فالخوف لِمَاذا؟

فائدة: ذكر صاحب "مقامات العلماء" أنَّ الدنيا كلّها مقسومة على خمسة وعشرين قسماً: خمسة بالقضاء والقدر، وخمسة بالاجتهاد، وخمسة بالعادة، وخمسة بالجوهر، وخمسة بالوراثة. فأمَّا الخمسة التي بالقضاء والقدر: فالرزق، والولد، والأهل، والسلطان، والعمر. والخمسة التي بالاجتهاد: فالجنّة، والنار، والعفّة، والفروسية، والكتابة. والخمسة التي بالعادة: فالأكل، والنوم، والمشي، والنكاح، والتغوّط. والخمسة التي بالجوهر: فالزهد، والذكاء، والبذل، والجمال، والهيبة. والخمسة التي بالوراثة: فالخير، والتواصل، والسخاء، والصدق، والأمانة. وهذا كلّه لا ينافي قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((كلّ شيء بقضاء وقدر))[1]. وإنَّما معناه: أنَّ بعض هذه الأشياء يكون مرتّباً على سبب، وبعضها يكون بغير سبب، والجميع بقضاء وقدر.


 



[1]  "مجمع الزوائد"، كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، ر:١١٨٩٨، ٧/٤٢٧.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151