عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

وفي الحديث دليل على عدم القطع بدخول الجنة أو النار، وإن عمل سائر أنواع البرّ، أو عمل سائر أنواع الفسق، وعلى أنَّ الشخص لا يتكل على عمله ولا يعجب به لأنَّه لا يدري ما الخاتمة. وينبغي لكلّ أحد أن يسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة ويستعيذ بالله تعالى من سوء الخاتمة وشرّ العاقبة. فإن قيل: قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: ٣٠] ظاهر الآية أنَّ العمل الصالح من المخلص يقبل، وإذا حصل القبول بوعد الكريم أمن مع ذلك من سوء الخاتمة.

فالجواب من وجهين: أحدهما أن يكون ذلك معلّقاً على شرط القبول وحسن الخاتمة، ويحتمل أنَّ من آمن وأخلص العمل لا يختم له دائماً إلا بخير، وأنَّ خاتمة السوء إنّما تكون في حقّ من أساء العمل أو خلطه بالعمل الصالح المشوب بنوع من الرياء والسمعة ويدلّ عليه الحديث الآخر ((إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة فيما يبدو للناس))[1]، أي: فيما يظهر لهم صلاح مع فساد سريرته وخبثها، والله أعلم.

وفي الحديث دليل على استحباب الحلف لتأكيد الأمر في النفوس وقد أقسم الله تعالى: ﴿ فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ إِنَّهُۥ لَحَقّٞ﴾ [الذاريات:٢٣]، وقال الله تعالى: ﴿ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ ﴾ [التغابن: ٧]، والله تعالى أعلم.


 



[1]       "صحيح مسلم"، كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه...إلخ، ر:١١٢، صـ٧١.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151