عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

الوجود ويخلق غيره، ومن قدر على أن يخلق كلّ شيء، فقد استغنى عن كلّ موجود، ثم بيّن سبحانه وتعالى أنّه مستغن عن الشريك فقال تعالى: ﴿ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٞ فِي ٱلۡمُلۡكِ ﴾ [الإسراء:١١١]. ثُمّ بيّن سبحانه وتعالى أنّه مستغن عن المعين والظهير فقال تعالى: ﴿وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ وَلِيّٞ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ ﴾ [الإسراء:١١١]. فوصف العزّ ثابت أبداً، ووصف الذلّ منتف عنه تعالى، ومن كان كذلك فهو مستغن عن طاعة المطيع، ولو أنّ الخلق كلّهم أطاعوا كطاعة أتقى رجل منهم، وبادروا إلى أوامره ونواهيه ولم يخالفوه، لم يتكثّر سبحانه وتعالى بذلك، ولا يكون ذلك زيادة في ملكه، وطاعتهم إنّما حصلت بتوفيقه وإعانته، وطاعتهم نعمة منه عليهم، ولو أنّهم كلّهم عصوه كمعصية أفجر رجل وهو إبليس، وخالفوا أمره ونهيه لم يضرّه ذلك ولم ينقص ذلك من كمال ملكه شيئاً، فإنّه لو شاء أهلكهم وخلق غيرهم فسبحان من لا تنفعه الطاعة، ولا تضرّه المعصية.

قوله تعالى: (فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ) ومعلوم أنّ المخيط وهو الإبرة وذلك في المشاهدة لا تنقص من البحر شيئاً، والذي يتعلق بالمخيط لا يظهر له أثر في المشاهدة ولا في الوزن.

قوله تعالى: (فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ) أي: على توفيقه لطاعته.

قوله تعالى: (وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) حيث أعطاها مناها واتبع هواها.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151