عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

فلا نَرِدَ موْرِدَ مأثَمةٍ [1], ولا نقِفَ موْقِفَ مَنْدمَةٍ, ولا نُرْهَقَ بتَبِعةٍ ولا مَعتَبَةٍ [2], ولا نُلْجَأَ إلى معْذِرَةٍ عنْ بادِرَةٍ, اللّهُمّ فحقِّقْ لَنا هذِهِ المُنْيَةَ [3],


 



[1] قوله: [فلا نَرِدَ موْرِدَ مأثَمةٍ...إلخ] ½الوُرود¼ قد يكون إتياناً, وقد يكون دخولاً, والعرب تقول: ½وردنا ماء كذا وكذا¼ إذا أتوه ولم يدخلوه, قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدۡيَنَ [القصص:٢٣], وتقول إذا وصلتَ إلى بلد وأشرفتَ عليه: ½قد وردتُ بلد كذا وكذا¼ سواء دخلتَه أم لَم تدخله, و½المورد¼ موضع الورود, وأراد بـ½المأثمة¼ و½المندمة¼ الإثم والندم وأصلهما موضع الإثم والندم, كالمقتلة موضع القتل والمدرسة موضع الدرس, أي: لا نأتي ولا ندخل موضعاً نأثم بالإتيان إليه والدخول فيه ولا نعمل عملا لحقنا به الإثم والوزر, وفي قوله: ½مورد مأثمة¼ مجاز مرسل؛ لأنّ أصل المورد الموضع يُشرب منه الماء وأريد هنا مطلق الموضع فهو من قبيل إطلاق المقيد وإرادة المطلق. (مغاني, المصباحي)

[2] قوله: [نُرهَق بتَبِعةٍ ولا مَعتَبَةٍ...إلخ] أي لا نؤخذ على ضيق وعسرة بسبب تبعة, وأصل ½الإرهاق¼ الإدناء, يقال: ½رهقه¼ أي: غشيه ودنا منه, و½التبعة¼ ما يتبع المظلمة من الدرك, و½المعتبة¼ ما يعتب عليه أي يلام عليه, و½نلجأ¼ نُحوَج, و½المعذرة¼ اسم من العذر, ومنه قوله تعالى: ﴿قَالُواْ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ[الأعراف:١٦٤], و½العُذر¼ تحرِّي الإنسان ما يَمحُو به ذنوبَه, وذلك على ثلاثة أضرُب: إمّا أنْ يقول: لم أفعَل، أو يقول: فعلتُ لأجل كذا، فيذكُر ما يُخرجُه عن كونه مُذنِباً، أو يقول: فعلتُ ولا أعود، ونحو ذلك من المَقال, وهذا الثالث هو التَّوبة، فكلُّ توبة عذر وليس كل عذر توبةً, و½اعتذَرتُ إليه¼ أتيتُ بعُذرٍ, و½عذَرتُه¼ قبِلتُ عذرَه, و½البادرة¼ الحدّة, وقيل: ما يبدو من الإنسان من الخطأ عند الحدّة والغضب كأنه قال: ولا نغشى شدة في الحساب بسبب ما علينا من التبعات وحُطَّها عنا ومحّصنا منها, بأن تتوب علينا حتّى لا نلجأ إلى الاحتجاج عنها ولا نناقش في حسابها. (المطرزي, المفردات)

[3] قوله: [فحقِّقْ لَنا هذِهِ المُنْيَةَ...إلخ] أي أعطنا وصدق أملنا, ومعناه اجعلها حقاً, يقال: ½حقّق الشيء¼ أي: أحكمه وصدّقه, و½المُنية¼ و½الأمنيّة¼ ما يتمنّى فهو اسم من التمني, والجمع ½مُنًى¼ و½أمانيّ¼, و½أنلنا¼ أعطنا, و½البغية¼ الحاجة التي تبغيها أي: تطلبها, أي: بلغنا ما نتمنا وأعطنا ما نطلب منك. (مغاني, الرازي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132