عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

وأقبَـلَتْ يومَ جـدَّ البـيـنُ فـي حُلَـلٍ

 

سودٍ تعَـضُّ بَنـانَ الـنّادِم الحَصِرِ [1]

فـلاحَ لـيْـلٌ على صُـبْـحٍ أقـلّـهُـمـا

 

غُصْـنٌ وضرّسَـتِ البِلّـورَ بالدُّرَرِ [2]

فحينَئذٍ استَسْنَى القوْمُ قيمَتَهُ [3], واستَغْزَروا ديمَتَهُ, وأجْمَلوا عِشْرَتَهُ, وجمَّلوا قِشرَتَهُ [4], قال


 



[1] قوله: [أقبَلَتْ يومَ جدّ البينُ...إلخ] ½جدّ البين¼ أي: تحقّق الفراق, و½الحلل¼ برود اليمن, و½الحلّة¼ إزار ورداء, ولا تسمّى حُلة حتّى تكون ثوبين, و½سُود¼ جمع سوداء, وسوداء مؤنث أسود,  و½تعض¼ تمسك, و½البَنان¼ أطراف الأصابع, واحدتها ½بنانة¼, و½الحصر¼ ضرب من العَيّ، يقال: ½حَصِر فلانٌ فلَم يقدر على الكلام¼، وإذا ضاق صدر المرء عن أمر قيل: ½حصِر صدرُ المَرء عن أمره¼, ومنه قوله تعالى: ﴿حَصِرَتۡ صُدُورُهُمۡ [النساء:٩٠] أي: ضاقت, يقول: أتتْ يومَ الفراق في ثياب سود تمسك بنانه مثل تمسك النادم العاجز عن الكلام. (الرازي, المصباحي)

[2] قوله: [فلاحَ ليْلٌ على صُبْحٍ...إلخ] ½أقلّهما¼ أي: أطاق حملهما, يقال: ½أقلّ الشيء¼ واستقلّه إذا حمله, قال الله تعالى: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَآ أَقَلَّتۡ سَحَابٗا ثِقَالٗا[الأعراف:٥٧], و½غصن¼ أي: قدّ ناعم مثل الغصن, و½ضرست¼ أي: عضت بالأضراس, و½البلور¼ حجر معروف أبيض شديد الصفاء, أراد به أصابعها أو كفّها, وأراد بـ½الدرر¼ أسنانها, و½الليل¼ يعني به سواد الحلة, أو شعرها, أو نقابا أسود, ½على صبح¼ أي: على وجه كالصبح في الضياء والنور احتملهما قدّ ناعم مثل الغصن في النُّعومة وهي تعض بناناً كالبلور في الصفا والبياض بأسنان مثل الدرر, وإنما فعلت ذلك من التأسف على ما مضى وفاتَ مِن لذّة التألف. (مغاني)

[3] قوله: [فحينَئذٍ استَسْنَى القوْمُ قيمَتَهُ...إلخ] ½فحينئذ¼ أي: حين إذ سمع القوم شِعرَه المرتجل ورأَوا بادرتَه التي يستحقّ أنْ يكرم لأجلها ويجل, ½استسنى¼ أي: استرفع واستعظم, و½سنا¼ شرف وعظم, و½استغزروا¼ أي: استكثروا, يقال: ½غزرت الناقة¼ أي: كثر لبنها, وغزر الشيء يغزر غزارةً فهو غزير أي: كثر, و½الديمة¼ المطر يدوم أياماً, وأقلّه أن يدوم ثلث النهار, وجمعها ½ديم¼ والمراد هنا كلامه بالشعر وهو دائم غير منقطع, أو يريد به فطنته التي تمدُّه بما شاء من الشعر. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [أجْمَلوا عِشْرَتَهُ...إلخ] و½أجملوا عثرته¼ أي: أحسنوا صحبته وعاشروه بالجميل, و½جمّلوا قشرته¼ أي: زيّنوا لباسه, مِن لفظ الجمال, ولباس الرجل قشرته, ويقال: ½قشر أهل العراق¼ أي: زِيّهم ولُبُسهم, أو يكون معناه: جمعوا, مِن ½جمّلت الحساب¼ وأجملته, أي: جمعته, فكأنهم جمعوا له شيئاً وكَسَوه؛ لأنه قدّم أنّ هيئته كانت رثّة, فاحتاجوا أنْ يكسوه. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132