عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

قـال لــهُ قـوْلَ الـمُـحـقّ الصّـادِقِ

 

لا رأيَ فـي وصلِـكَ لـي فـفارِقِ [1]

فقلتُ له: ما أغزَرَ وبْلَكَ [2]! فقال: والشّرْطُ أمْلَكُ, فنفَحتُهُ بالدّينارِ الثّاني [3], وقلتُ لهُ: عَوِّذْهُما بالمَثاني, فألْقاهُ في فمِهِ [4], وقَرنَهُ بتَوأَمِهِ, وانْكفأ يَحمَدُ مغْداهُ, ويَمْدَحُ النّاديَ ونَداهُ, قالَ الحارِثُ


 



[1] قوله: [قوْلَ المُحقّ الصّادِقِ...إلخ] ½قال¼ أي: الدينار بلسان الحال, وهو أبلغ من لسان المَقال, و½له¼ أي: للمناجي, و½المحقّ¼ القائل الحق, ½الصادق¼ ذي الصدق, ½لا رأي¼ الرأي الاعتقاد, وقيل: ما يراه الإنسان في الأمر, والمراد هنا الموافقة, ½في وصلك¼ مضاف للفاعل, يقول: قال الدينارُ للمناجي بلسان الحال مثل قول الشخص القائل الحق والصدق ليس لي الموافقة معك فاتركني وفارق إيّاي. (الجوهرية بزيادة)

[2] قوله: [فقلتُ له: ما أغزَرَ وبْلَكَ...إلخ] ½له¼ أي: لأبي زيد, و½ما أغزر¼ أي: ما أكثر, و½الوبل¼ المطر الشديد, وهو استعارة, معناه: ما أغزر علمك وفضلك, و½أملك¼ ألزم وأحقّ, وهو أفعَل مِن ½الملك¼, يريد: أنّ شرطَك الذي شرطتَ مِن إعطائي ديناراً آخَر إن ذممتُه, قد لزمَك بذمِّي له. و½الشرط أملك¼ من أمثال العرب, تقديره: ½الشرط أملك لأمرك منك¼, يضرب في حفظ الشرط يجري بين الإخوان, وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون عند شروطهم)). والمعنى: أنهم إذا تشارطوا لا يمكنهم الخروج عن دائرة الشرط تكرّماً فكأنه يملكهم. (مغاني, الشريشي, المطرّزي)

[3] قوله: [فنفَحتُهُ بالدّينارِ الثّاني...إلخ] ½نفحه بشيء¼ أي: أعطاه, و½عوّذهما بالمثاني¼ أي: اقرأ عليهما فاتحة الكتاب واجعلها لهما عُوْذةً, أي: تعويذاً وحِرْزاً, يقال: ½عوّذته به¼ أي: جعلته عوذةً له, و½المثاني¼ فاتحة الكتاب, سمّيت فاتحة الكتاب مثاني؛ لأنها تثنى في كلّ ركعة من الصلوة, أو لتكرار الثناء فيها على الله تعالى, واختَصّها؛ لأنه أشار عليه أن يحمد الله على أخذ الدينار, فكأنه قال: اقرأ الحمد لله ربّ العالمين, شكراً لله عليهما وتعويذاً لهما. (مغاني, الشريشي)

[4] قوله: [فألْقاهُ في فمِهِ...إلخ] الأفصح عند البصريين: ½ألقاه في فيه¼ كما ذكره الحريري أوّلاً, إلاّ أنه جمع بين اللغتَين وقدّم الأفصح ذكراً, ½التوأمان¼ الولدان في بطن واحد معاً, والواحد ½توأم¼, والمعنى: قرن الدينار الثاني بالدينار الأول, و½انكفأ¼ أي: رجع, و½مغداه¼ أي: بُكورَه وسيرَه في الغدوّ, و½النادي¼ مجلس القوم و½الندَى¼ الجود, وإنما مدح سيرَه في الصباح؛ لأنه أكسبه دينارَين. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132