عنوان الكتاب: المقامات الحريرية

بنُ هَمّامٍ: فناجاني قلبي [1] بأنّهُ أبو زيدٍ, وأنّ تَعارُجَهُ لِكَيدٍ, فاستَعَدْتُهُ وقلتُ له: قد عُرِفْتَ بوشْيِكَ, فاستَقِمْ في مَشيِكَ, فقال: إنْ كُنتَ ابنَ هَمّامٍ, فحُيّيتَ بإكْرامٍ [2], وحَيِيتَ بَينَ كِرامٍ! فقلتُ: أنا الحارثُ, فكَيفَ حالُك والحوادِثُ؟ فقال: أتقلّبُ في الحالَينِ بُؤسٍ ورَخاءٍ [3], وأنقَلِبُ مع الرّيحَينِ زعْزَعٍ ورُخاءٍ, فقلتُ: كيفَ ادّعَيْتَ القَزَلَ [4]؟ وما مِثلُكَ مَن هزَلَ, فاستَسَرّ بِشْرُهُ الَّذي كانَ تجلَّى, ثمّ أنشَدَ حينَ ولّى:


 

 



[1] قوله: [فناجاني قلبي...إلخ] ½تعارج¼ أي: أظهر العرج تكلّفاً, و½الكيد¼ المكر, و½استعدته¼ أي: طلبت عوده ورجوعه, و½قد عرفت بوشيك¼ أي: عُرفتَ بفنونك المختلفة في جرّ المنفعة, و½الوشي¼ تلوين الشيء ونسج الثوب على لونين مختلفين, ويقال: ½وشّى الكلام¼ أي: زيّنه وحسّنه ولوّنه وكذب فيه, ويقال للغمّاز: واشٍ, و½استقم في مشيك¼ أي: خلّ التعارج وامش مستويا. (مغاني)

[2] قوله: [فحُيّيتَ بإكْرامٍ...إلخ] ½حُيِّيت¼ طال بقاؤك, وقيل: أبقاك الله, و½التحية¼ البقاء, و½بإكرام¼ أي: بعزّ وكرامة, و½حَييت¼ عشت, و½كيف¼ اسم مبني, وإذا دخل على الاسم فهو في محلّ رفع على الخبريّة عنه كما هنا, وإن كان بعده فعل فهو في محلّ نصب على الحالية, نحو: ½كيف جاء زيد¼,  و½الحوادث¼ النوائب والمصائب وما يحدث من الخير والشرّ, وهو منصوب بواو المعيّة أو مرفوعة بواو العطف على ½حالك¼. (الشريشي, الرازي)

[3] قوله: [أتقلّبُ في الحالَينِ بُؤسٍ ورَخاءٍ...إلخ] ½البؤس¼ الشدّة, و½الرخا¼ سعة العيش, يقال: ½إنه في عيش راخ¼ أي: واسع, و½الزعزع¼ الريح الشديدة التي تحرّك كلّ شيء, و½الزعزعة¼ تحريك الشيء إذا أردت قلعه, و½الرُّخا¼ ريح ليِّنة سريعة, من الإرخاء في السير, ضرب ذلك مثَلاً, ومعناه: أدارى أمري تارةً مع الشدّة والصعوبة وتارةً مع الرَّخاء وهو لِين العيش والنعمة. (مغاني, الواسطي)

[4] قوله: [كيفَ ادّعَيْتَ القَزَلَ...إلخ] ½القزل¼ أسوء العرج, ويقال: ½هزل في الكلام¼ إذا ذكر المُضْحِكات وما أشبهها, و½هزُل بدنه¼ أي: ضعف, و½فاستسرّ¼ أي: زال وخفي, و½البشر¼ طلاقة الوجه, و½تجلّى¼ أي: ظهر, و½ولّى¼ أدبر وذهب, يقول: كيف تحيّلت بالعرَج ومثلك لا يهزِل ولا يقع في هذه النقيصة فغضب عند ذلك وزال عنه سماحُه وطلاقة وجهه وأنشد مدبراً وذاهباً. (مغاني, الشريشي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

132