عنوان الكتاب: جد الممتار على رد المحتار (المجلد الأول)

وحسن سريرته.

وكانت عنده كتب من سائر العلوم، وكان كثير منها بخطّ يده ولم يدع كتاباً منها إلاّ وعليه كتابته، وكان السبب في جمع هذه الكتب العديمة النظير والده فإنّه كان يشتري له كلّ كتاب أراده ويقول له: اشتر ما بدأ لك من الكتب وأنا أدفع لك الثمن؛ لأنّك أحييت ما أمته أنا من سيرة سلفي، فجزاك الله تعالى خيراً يا ولدي! وأعطاه كتب أسلافه الموجودة عنده، وكان حريصاً على إصلاح الكتب لا يمرّ على موضع منها فيه غلط إلاّ أصلحه، وكان حسن الخطّ حسن القَشْط قلّ أن يرى من يكتب مثله على الفتاوى والكتب في الجودة وتناسق الأسطر.

وكان رحمه الله تعالى فقيه النفس انفرد به في زمنه بحاثاً ما باحثه أحد إلاّ وظهر عليه، وكان برّاً بوالديه، ومات والده في حياته سنة سبع وثلاثين بعد المائتين والألف (١٢٣٧ﻫ)، وصار يقرأ كلّ ليلة عند النوم ما تيسّر من القرآن العظيم ويهدي ثوابه إليه مع ما تقبل له من الأعمال، حتىّ رأى والده في النوم بعد شهر من وفاته، وقال له: جزاك الله تعالى خيراً يا ولدي على هذه الخيرات التي تهديها إليّ في كلّ ليلة، وأمّا والدته رحمهما الله تعالى فقد توفّيت في حياتهما وكانت صالحة صابرة تقرأ من الجمعة إلى الجمعة مائة ألف مرّة سورة الإخلاص وتهب ثوابها لولدها، وتصلّي كلّ ليلة خمسة أوقات قضاء احتياطاً، وكانت كثيرة الصلاة والصيام، وكان حالها الرضاء بالقضاء وتقول: الحمد لله على جميع الأحوال، وكانت من سلالة طاهرة من ذرّية الحافظ الداوُديّ المحدّث الشهير.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

568