مدونات مختارة

عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رجلاً شكى إلى رسول الله ﷺ قسوةَ قلبه، فقال ﷺ له:

"إن أردتَّ أن يلين قلبُك، فأطعم الْمسكين، وامسح رأسَ الْيتيم"

في هذا الحديث قدّم رسول الله ﷺ علاجين لقسوة القلب، وبالنظر إلى حسن العلاج يتّضح لك أنّ الإحسان إلى اليتامى والمساكين من أسباب نيل رحمة الله تعالى، ورحمة الله تُرقّق القلب..

يقول حكيم الأمّة المفتي أحمد يار خان النعيمي رحمه الله تعالى بعد ذكره هذا الحديث: سبحان الله! ما أحسن هذا العلاج! التعطّف على الأيتام والمساكين من أسباب نيل رحمة الله تعالى، ورحمة الله تعالى تُرقّق القلوب، قال الله عزوجل:

أَوۡ إِطۡعَٰمٌ فِي يَوۡم ذِي مَسۡغَبَةٍ ١٤ يَتِيماً ذَا مَقۡرَبَةٍ ١٥ أَوۡ مِسۡكِيناً ذَا مَتۡرَبَةٍ ١٦

رقّة القلب من أعظم رحمات الله، والأشياء تُعالَج بأضدادها مثلاً: التكبّر يُعالج بالتواضع، والبخل بالسخاء وكذلك قسوة القلب بالتّرحّم على اليتامى والفقراء

ما هي أضرار قسوة القلب؟

من أضرار قسوة القلب أنّ النّصيحة لا تؤثر فيه، بل القسوة تستميله إلى الذنوب، فلا تحصل ندامة على ارتكاب المعاصي ولا رجوع إلى التوبة

قسوة القلب ليست مرضًا عاديًّا:

قسوة القلب ليست من الأمراض العاديّة، بل قد يرتكب الإنسان بسببها خطايا كبيرة، السّرقة والنهب والقتل وغيرها من الظلم، واغتصاب الحقوق، وما بين صغيرة وكبيرة يرتكبها الإنسان هي بسبب قسوة القلب، بل قد يرتكب أكبر المعاصي حتى يصل إلى الكفر أحياناً، هذا المرض يُبعدُ العبدَ عن رحمة الله تعالى، ويقضي على حلاوة الإيمان، قاسي القلب يكون جريئا على ارتكاب المعاصي، وهذا هو المرض الذي يجعل سائرَ النصائح غير مؤثّرة فيه، وكم من عقاب كبير يحصل بسبب قسوة القلب فتعالوا بنا لمزيد من الشرح وإلى قول سيدنا مالك بن دينار رحمه الله تعالى حين يقول: إنّ لله عقوبات في القلوب والأبدان: ضنك في المعيشة، ووهن في العبادة، وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب

أسباب قسوة القلب:

اللّسان له علاقةٌ وثيقة بالقلب؛ لأنّ من كثُر كلامه كثُر خطْؤه، ويُصبح سببًا لقسوة القلب، ولعل هذا هو سبب ما ورد في الحديث أنّ كثرة الكلام سببٌ لقسوة القلب حيث قال رسول الله ﷺ:

لا تُكثِروا الكلامَ بغيرِ ذكرِ اللهِ فإنّ كثرةَ الكلامِ بغيرِ ذكرِ اللهِ قسوةٌ للقلبِ وإن أبعدَ الناسِ من اللهِ القلبُ القاسي

قال رسول الله ﷺ:

البذاء من الجفاء، والجفاء في النار

- من أسباب قسوة القلب كثرةُ الضّحك، حيث قال رسول الله ﷺ:

لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب

- قال رسول الله ﷺ مُخبرًا عن أضرار كثرة الضحك:

إيّاك وكثرة الضحك فإنّه يميت القلب ويذهب بنور الوجه

- منها كثرة الطعام، حيث قال بشر بن حارث رحمه الله تعالى: خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام، وكثرة الأكل

- منها كثرةُ المعاصي، حيث ورد في الحديث: إنّ المؤمِنَ إذا أذنَبَ كانت نُكتَةٌ سَوداءُ في قَلبِه، فإنْ تابَ ونزع واستغفر، صُقل قَلبُه، وإنْ زادَ زادَت، حتى يعلوَ قلبه ذاك الرّانُ الذي ذكر اللهُ في القرآن:

كَلّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ

بعض علاجات قسوة القلب:

ومما ذكره النبيّ ﷺ في علاج قسوة القلب:

1. تلاوة القرآن الكريم وتذكّرُ الموت هو من الأسباب المهمّة لعلاج قسوة القلب، حيث قال رسول الله ﷺ: إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء قيل: يا رسول الله ﷺ ! وما جلاؤها؟ قال: كثرة ذكر الموت وتلاوة القرآن

2. وممّا ذُكر عن الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله تعالى- عن بعض السلف: الخير كله في كلمتين:

الأول: التعظيم لأمر الله تعالى.

الثاني: الشفقة على خلق الله.

كل من لا يعظّم أمر الله ولا يشفق على خلق الله فهو بعيد من الله تعالى

هناك طرقٌ كثيرةٌ للتعطّف على خلق الله عزّوجل، منها: إطعام المساكين، وهذا من الأسباب المهمّة لنيل رحمة الله تعالى، حيث ورد عن النبي ﷺ من موجبات الرحمة إطعام المسلم المسكين

3. ومن الرحمة والشفقة على خلق الله تعالى الإحسانُ إلى اليتامى، ويمكن إزالة قساوة القلب بالشفقة والعطف على المخلوقات، ومنها معاملة الأيتام معاملة حسنة.

وإنّ النبيّ ﷺ جعل خير البيوت بيتًا يُحسَنُ فيه إلى اليتامى وجعل شرّ البيوت بيتًا يُساءُ فيه إليهم، حيث قال ﷺ:

"خير بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُحسن إليه، وشرّ بيت في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يُساء إليه"

وبيّن رسول الله ﷺ أهميّة الإحسان إلى اليتامى بحيث جعل مسح رأسهم بالرحمة سبباً لعلاج مرض قسوة القلب، وأيضا ذكر فيمنْ يُحسِن إليهم الأجرَ والثوابَ بهذه الطريقة حيث قال رسول ﷺ:

من مسح رأسَ يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكلّ شعرة مرّت عليها يدُه حسناتٌ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتَيْنِ

رزقنا اللّه وإياكم ليّن القلب آمين بِجاه خاتم النبيّن صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلّم.

#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة