وقفة محاسبة مع نهاية العام الهجري | الشيخ علاء زيات


نشرت: يوم السبت،16-سبتمبر-2017

وقفة محاسبة مع نهاية العام الهجري

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين،
أما بعد: فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم

أهمية الهجرة النبوية:

إن الهجرة النبوية تعتبر محطة هامة في تاريخ المسلمين، لما لها من معنى بداية الاستقرار والتأسيس لدولة المسلمين، فبعد أن كانت المرحلة الأولى مرحلة امتحان وصبر على أذى المشركين، ومرحلة ترسيخ للإيمان والتوحيد في قلوب المؤمنين، جاءت المرحلة الثانية ألا وهي مرحلة الاستقرار في المدينة المنورة...

ثم إن الهجرة ليست منحصرة المعنى في هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وإنما لها معانٍ راقية يستطيع كل مسلم أن يدرك نصيباً منها، فعن مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلَا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا.(سنن أبي داود والدارمي ومسند أحمد).

فمن أشرف معانيها: أن يهجر المسلم ما نهى الله تعالى عنه من محرمات، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.(أخرجه البخاري في صحيحه: ٦٤٨٤)

ارتباط رأس السنة بالهجرة:

روى ابن الأثير: أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر: "أنه يأتينا منك كُتُب ليس لها تاريخ". فجمع عمر الناس للمشورة فقال بعضهم: أَرِّخْ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر:

بل نؤرّخ بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّ مهاجرته فرق بين الحق والباطل.(الكامل في التاريخ لابن الأثير: ١/١٢).

ومن هنا كانت أهمية الهجرة النبوية هي الدافع للصحابة الكرام لاختيارها حدثاً يبتدأ به تأريخ المسلمين لما لها من معان، وكونها محور انتقال للمسلمين من حال ضعف إلى حال قوة، ومنطلقاً للدعوة من دار إيمان لا من دار أمن فقط.

وقفة محاسبة:

بعد أن طُوِيَت صحيفةُ عام من حياتنا، وفُتِحَت صفحةٌ جديدة وجب علينا أن نقف وقفة محاسبة للنفس نراجع فيها أنفسنا على أعمال عام منصرم فأسأل نفسي:

  • ما الأعمال التي قصّرتُ فيها طوال العام؟
  • كم من المعاصي التي ارتكبتُها ولم أتُبْ عنها بعد؟

قفْ مع نفسك.. توجَّهْ بقلبك مُناجياً الله سبحانه وتعالى أن يتوب عليك توبة نصوحة، وكنْ مقتديًا في ذلك بالحبيب صلى الله عليه وسلم فعن ابن عُمَرَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ.(أخرجه مسلم في صحيحه: ٢٧٠٢).

ثم فكّرْ ما الذي فشلتَ في تحقيقه من أهداف؟ راجعْ أسباب تقصيرك.. حدّدْ أهدافك من جديد... وضَعْ جدولاً تُبيّن فيه خُطَّتك للعام الجديد، تُبيّن فيه كيف سترتقي إيمانيًّا وعلميًّا وفكريًّا وماديًّا... وتذكَّرْ دائماً أنَّك ستقف يوماً بين يدي الله تعالى للحساب...

عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأَل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه. (أخرجه الترمذي: ٢٤١٧).

نسأل الله تعالى أن يوفّقنا في عامنا الجديد لما يحبّ ويرضى، ويُكرمنا للخروج في سبيل الله مع القوافل المدنية (الرحلات الدعوية) للدعوة إلى الله تعالى تحت إشراف مركز الدعوة الإسلامية، وأن يستخدمنا لخدمة دينه مُخلِصين له قولًا وعملًا واعتقادًا.. إنه سميع قريب مجيب.

وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
والحمد لله رب العالمين.

تعليقات



رمز الحماية