عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

لفظ ½الذي¼ مكانه كقوله تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ[الحج: 30]، وللتبعيض([1])وعلامته أن يصحّ لفظ ½بعض¼ مكانه نحو: ½أخذت من الدراهم¼، وزائدة([2])وعلامته أن لا يختلّ المعنى بإسقاطها



([1]) قوله: [وللتبعيض] أي: وقد تجئ ½مِنْ¼ للتبعيض، ويجوز أن يكون موضوعاً له وأن يكون راجعاً إلى الابتداء كما ذهب إليه المبرّد وعبد القاهر والزمخشري؛ لأنّ ½الدراهم¼ في قولك: ½أخذت من الدراهم¼ مبدأ الأخذ، وعلامته أن يصحّ وضع لفظ ½بعض¼ مكانه نحو: ½أخذت من الدراهم¼ أي: بعض الدراهم. "تك" وغيره.

([2]) قوله: [وزائدة] مرفوع على الخبريّة على أنه عطف على قوله: ½لابتداء الغاية¼، والزائدة ما لو أسقط لاستقام المعنى، وفائدته التأكيد غالباً كما هو شأن الحروف الزائدة، ولا تزاد ½مِنْ¼ في الكلام الموجب عند البصريين خلافاً للكوفيين والأخفش فإنّهم جوّزوا زيادتها في الكلام الموجب أيضاً، واستدلّوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوْبِكُمْ﴾[نوح: 4] بدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾[الزمر: ٥٣]، وبقول العرب: ½قد كان من مطر¼ أي: قد كان مطر، وأجيب عن الآية بأنّ قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوْبِكُمْ﴾ خطاب لأمّة نوح على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً﴾ لأمّة محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وغفران جميع ذنوب أمّته صلى الله تعالى عليه وسلم لا يوجب غفران جميع ذنوب أمّة نوح عليه الصلاة والسلام فعلم أنّ كلمة ½مِنْ¼ في قوله تعالى: ﴿يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوْبِكُمْ﴾ للتبعيض لا للزيادة، وأجاب المص عن قولهم بقوله: وأمّا قولهم: ½قد كان من مطر¼ وشبهه ممّا يتوهّم منه زيادة ½مِنْ¼ في الكلام الموجب فمتأوّل بالحمل على التبعيض أي: ½قد كان بعض مطر¼ أو على التبيين أي: ½قد كان شئ من مطر¼، أو هو وارد على سبيل الحكاية كأنّ قائلاً قال: ½هل كان من مطر¼ فأجاب بأنه قد كان من مطر، وقد تجئ ½مِنْ¼ بمعنى ½فِيْ¼ كقوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ﴾[الجمعة: ٩] أى: في يوم الجمعة، وبمعنى الباء كقوله تعالى: ﴿يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: ٤٥] أي: بطرف خفيّ، وبمعنى البدل كقوله تعالى: ﴿أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ﴾ [التوبة: ٣٨] أي: بدل الآخرة، وبمعنى ½عَلَى¼ على قول الجوهري نحو: قوله تعالى: ﴿ وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ﴾ [الأنبياء : ٧٧] أي: على القوم، وللقسم نحو: ½مُِن ربّي لأفعلنّ كذا¼ بكسر الميم وضمّها، وللانتهاء على قول الحديبي نحو: ½قربت منه¼ أي: قربت إليه، وللفصل إذا دخلت على ثاني المتضادّين نحو قوله تعالى: ﴿وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: ٢٢٠]، وبمعنى اللاستغراق نحو: ½ما جاءني من رجل¼ و½مِنْ¼ هذه من حيث إنّها تفيد معنى اللاستغراق لم تكن زائدة فإنّك لو حذفتها كان المعنى نفي المجئ عن رجل واحد نحو: ½ما جاءني رجل بل رجلان¼، ومن حيث إنّ أصل الكلام مستقيم بدونها كانت زائدة، بخلاف ½مِنْ¼ الّتي في قولك: ½ما جاءني من أحد¼ فإنّها زائدة البتّة؛ لأنّ ½أحداً¼ لا يستعمل إلاّ في العموم والنفي. "رض" وغيره.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279