عنوان الكتاب: عناية النحو على هداية النحو

و½ما أحد خير منك¼([1])، و½شرّ أهرّ([2])ذاناب¼، و½في الدار رجل¼([3])، و½سلام عليك¼([4]). وإن كان أحد الاسمين معرفة والآخر نكرة فاجعل المعرفة مبتدأ والنكرة خبراً ألبتّة كما مرّ، وإن كانا معرفتين فاجعل أيّهما([5])شئت مبتدأً والآخر خبراً نحو: ½الله تعالى إلهنا¼ و½محمّد نبيّنا¼



([1]) قوله: [ما أحد خير منك] فإنّ قوله: ½أحد¼ مبتدأ عند بنِي تميم؛ لأنهم لا يُعمِلون ½ما¼ و½لا¼ المشبّهتين، وكان ½أحد¼ لوقوعه فِي سياق النفي عامّةً فتعيّن وتخصّص؛ فإن قلت: بين التخصيص والتعميم منافاة فكيف يحصل التخصيص بالتعميم، قلنا: إنّ للتخصيص معنيين: تخصيص بمعنى قطع الشركة وتخصيص بمعنى رفع الإبهام، والمراد بالتخصيص ههنا المعنى الثانِي؛ لأنه لَمّا نفي عن كلّ أفراد الناس الخيريّة سوا المخاطب لَم يبق الإبهام، "ه".

([2]) قوله: [ شرّ أهرّ... إلخ] فت ½شرّ¼ مبتدأ تخصّص بالصفة المقدّرة تقديره: ½شرّ عظيم أهرّ ذاناب¼، أو تخصّص بكونه فاعلاً فِي المعنَى حيث كان فِي الأصل ½أهرّ شرّ ذا ناب¼ ثُمّ قدّم ½شرّ¼ على ½أهرّ¼ ليفيد الحصر؛ لأنّ تقديم ما حقّه التأخير يفيد الحصر، فيكون المعنى: ½ما أهرّ ذا ناب إلاّ شرّ¼، "ه".

([3]) قوله: [فِي الدار رجل] فـ½رجل¼ مبتدأ تخصّص بتقديم الخبر عليه؛ لأنه لَمّا قيل: ½فِي الدار¼ عُلم منه أنه ما يذكر بعده ما يصحّ كونه محكوماً عليه باستقراره فِي الدار، فلمّا قيل: ½رجل¼ فهو فِي قوّة قوله: ½رجل صالح لصحة الحكم عليه بالاستقرار في الدار، "ه".

([4]) قوله: [سلام عليك] فـ½سلام¼ مبتدأ تخصّص بالإضافة إلَى المتكلّم؛ إذ أصله: ½سلّمت سلاماً عليك¼ فـ½سلاماً¼ مصدر للتأكيد، والمؤكَّد والمؤكِّد فِي الحقيقة شئ واحد فالمؤكَّد مخصّص بالنسبة إلَى المتكلّم فكذا المؤكِّد، ثُمّ عدل عن فعليّة الجملة إلَى اسميّتها لقصد الدلالة على الدوام والاستمرار، فحذف الفعل وأبدل النصب بالرفع لصحّة الابتداء، واعلم أنه قد تخصّص النكرة بكونِها مضافة إلَى نكرة أخرى نحو: ½غلام رجل خير من غلام امرأة¼، أو بكونِها فِي معنى الإضافة نحو: ½ضرب لزيد خير من ضرب لعمرو¼، أو بكونِها مشبّهة بالمضاف نحو: ½راكب فرساً ذاهب إلى المدينة¼، "سن" وغيره.

([5]) قوله: [فاجعل أيّهما... إلخ] أي: قدّم ما شئت أن تجعله مبتدأ، وأخّر ما شئت أن تجعله خبراً؛ لأنه ما قدّمت ههنا يكون مبتدأ وما أخّرت يكون خبراً، فلهذا وجب تقديم المبتدأ على الخبر إذا لَم يكن قرينة، أمّا إذا وجدت قرينة معيّنة على كون أحدهما مبتدأ والآخر خبراً فيجوز تأخير المبتدأ نحو: ½بنونا بنو أبنائنا¼ فـ½بنو أبنائنا¼ مبتدأ و½بنونا¼ خبره؛ لأنه لو جعل ½بنونا¼ مبتدأ و½بنو أبنائنا¼ خبراً لانقلب المعنى؛ لأنّ أبناء الأبناء منـزَلون منـزلة الأبناء لا أنّ الأبناء منـزَلون منـزلة أبناء الأبناء، وكذا قولُهم: ½أبو حنيفة أبو يوسف¼ فإنّ ½أبو يوسف¼ مبتدأ و½أبو حنيفة¼ خبر؛ لأنّ الغرض تشبيه أبِي يوسف بأبِي حنيفة لا تشبيه أبِي حنيفة بأبِي يوسف رحمهما الله تعالى رحمة واسعة، فلو جعل الأوّل مبتدأ والثانِي خبراً لانقلب المعنى، "ي".




إنتقل إلى

عدد الصفحات

279