عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

ثم إن كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه: كطلب الهداية، والعلم، والفهم في القرآن والسنة، وشفاء المرض، وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة، سأل ربّه ذلك. وإن كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أنّ الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه، كالحاجات المتعلّقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور، سأل الله تعالى أن يعطف عليه قلوبهم فيقول: اللهم حنن علينا قلوب عبادك وإمائك، وما أشبه ذلك، ولا يدعو الله تعالى باستغنائه عن الخلق لأنه صلى الله عليه وسلم سمع علياً يقول: اللهم أغننا عن خلقك فقال: ((لا تقل هكذا فإنّ الخلق يحتاج بعضهم إلى بعض، ولكن قل: اللّهم أغننا عن شرار خلقك))[1] وأمّا سؤال الخلق والاعتماد عليهم فمذموم، ويروى عن الله تعالى في الكتب المنـزلة: أيقرع بالخواطر باب غيري وبابي مفتوح؟ أم هل يؤمّل للشدائد سواي وأنا الملك القادر؟ لأكسونَّ من أمّل غيري ثوب المذلة بين الناس...إلخ.

قوله: (وَاعْلَم أَنَّ الأُمّة...إلخ)، لَمَّا كان الإنسان قد يطمع في برّ من يحبّه ويخاف شرّ من يحذره، قطع الله اليأس من نفع الخلق بقوله: ﴿ وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يُرِدۡكَ بِخَيۡرٖ فَلَا رَآدَّ لِفَضۡلِهِۦۚ﴾ [يونس:١٠٧].

ولا ينافي هذا كلَّه قوله تعالى حكاية عن موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿ فَأَخَافُ أَن يَقۡتُلُونِ ﴾ [الشعراء:١٤]. وقوله تعالى: ﴿ إِنَّنَا نَخَافُ


 



[1]        لم نعثر عليه بعد طول نظر.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151