عنوان الكتاب: الأمير الصامت

حقًّا الكلامُ الطَّيِّبُ هو النّافِعُ لِلْخَلْقِ، ولكِنّ مُتَكَلِّمَه يُخشَى عليهِ خَطَرُ الْفِتَنِ كَما إذا كانَ الدَّاعِي فصِيْحًا وبَلِيْغًا يَتَكلّمُ بِطَلاَقَةٍ فيُمكِنُه أن يَقَعَ في الفتنةِ لِمَدْحِ النَّاسِ إيّاه، أوْ من أجْلِ خُيَلائِهِ على أَهْلِيَّتِهِ وتفضيلِ نَفْسهِ على الآخَرِينَ، واحْتِقَارِه إيّاهُمْ، ومُحاوَلةِ إقْنَاعِهِ هؤلاءِ بأَنَّه ذُو عِلْمٍ فوقَهُمْ لِهَوَى النَّفْسِ، أوْ لاسْتِخْدَامِهِ التَّعْبيراتِ الْمُتَنَاسِقَةَ والْجُمَلَ البليغةَ لِيَمْدَحَه النَّاسُ وكذلك مَنْ صَوْتُه جميلٌ ربّما يَقَعُ في الْخَطَرِ؛ إذ يَمْدَحُه النَّاسُ، فيَظُنُّ أَنّ صَوتَه الجميلَ مِن خَوَاصِّه فيَتَكَبَّرُ ويَنْسَى أَنّه مِنْحَةُ الله تعالى عليهِ فتَنْبيْهُ ذلك العالِمِ الرَّبَّانِيِّ حَوْلَ فِتْنَةِ الْمَنْطِقِ حقٌّ، ومَن يَتَّصِفُ مِن الدُّعَاةِ بالصِّفَاتِ الْمَذْمُومةِ الْمَذْكُوْرَةِ فكَلاَمُه فِتْنَةٌ كَبِيْرةٌ لَهُ، وسَبَبٌ لِلْهَلاَكِ في الآخِرَةِ ولَوِ انْتَفَعَ الْخَلْقُ بكلامِه.

طريقة ممتازة لحفظ الكلام عن العبث

مَن أرادَ أن يَقِلَّ كلامُه حَتْمًا نُقَدِّمُ له طريقةً مُمْتَازَةً لِتَنْقيحِ كلامِهِ وحِفْظِه عن الْعَبَثِ واللغوِ بما لا طائِلَ تَحْتَهُ مِن كِتاب "إحْياءِ علومِ الدِّيْنِ" لِلإمامِ الغزالي رحمه الله تعالى حيث يقولُ: إنّ الكلامَ أَرْبَعَةُ أقسامٍ: قِسْمٌ هو ضَرَرٌ مَحْضٌ وقِسْمٌ هو نَفْعٌ محضٌ وقسمٌ فِيه ضَرَرٌ ومَنْفَعَةٌ، وقِسْمٌ ليسَ فِيْهِ ضرَرٌ ولاَ


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

51