عنوان الكتاب: الأمير الصامت

طريقة التفكر قبل الكلام

أيّها الإخوة! كان النَّبيُّ الكريم صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم لَمْ يَنْطِق عَن الْهَوَى ولَمْ يضحك بالقهقةِ أَبَدًا يا لَيْتَ سُنَّةَ الصَّمْتِ عَن فضُوْل الكلامِ وعَدَمِ الْقَهْقَهَةِ تعُمُّ، ويا لَيْتَنَا نَتَعَوَّدُ على التَّفَكُّرِ قبلَ أن نَتَكَلَّمَ، وإنّ طرِيقةَ التَّفَكُّرِ هي أن نَرْجِعَ إلى قُلُوْبنَا قَبْلَ أن نَلْفِظَ: ما الْغَرَضُ من هذا الكلامِ؟ هل نَدْعُو به أَحَدًا إلى المعروفِ؟ وهل في كلامِنَا هذا خَيْرٌ لَنَا أوْ لِغَيْرِنا؟ وهل كلاَمُنَا مَمْلُوْءٌ بمُبَالَغَةٍ تُؤَدِّي إلى الْكَذِب؟

لقَدْ ضَرَبَ صَدْرُ الشَّريعةِ المفتي محمد أَمْجَد عليٌّ الأعظميُّ رحمه الله تعالى مِثالاً لِلْمُبَالَغَةِ الْكاذِبَةِ حيثُ قالَ: ليس مِن الْكَذِب ما اعْتِيْدَ مِن الْمُبَالَغَةِ كَـ: جئْتُكَ أَلْفَ مَرَّةٍ؛ لأَنّ المرادَ تفهيمُ الْمُبَالَغَةِ لا الْمَرَّاتِ، فإن لَمْ يَكُنْ جاءَ إلاّ مَرَّةً واحِدَةً فهُوَ كاذِبٌ[1]. فليَتَفَكَّرْ العبدُ هكذا: هَلْ أَمْدَحُ أَحَدًا كَذِبًا؟ وهَلْ أَغْتَابُ؟ وهَلْ يَحْزَنُ قلبُ أحَدٍ بكلاَمِي؟ وهَلْ أَنْدَمُ بَعْدَ أَنْ تكَلَّمْتُ وأَرْجِعُ عَنْ قَوْلِي، وأَتَأَسَّفُ؟ وهَلْ أَبُوْحُ بسِرِّيْ أوْ بسرِّ


 



[1] "رد المحتار"، كتاب الحظر والإباحة، ٩/٧٠٥ و"بهار شريعة"، ٣/٥١٩.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

51