عنوان الكتاب: كتاب الآداب من رياض الصالحين

وعن أنس رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بماءٍ،[1] وَعَنْ يَمِينهِ أعْرَابيٌّ، وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْر رضي الله عنه، فَشَرِبَ، ثُمَّ أعْطَى الأعْرابيَّ، وقال: الأيْمَنَ فالأيْمَنَ. متفق عَلَيْهِ.

قَوْله: "شِيب" أيْ: خُلِطَ.

وعن سهلِ بن سعدٍ رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِشرابٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ، وَعَنْ يَسَارِهِ أشْيَاخٌ، فَقَالَ للغُلامِ: أتَأْذَنُ لِي أنْ أُعْطِيَ هؤُلاَءِ؟[2] فَقَالَ الغُلامُ: لا واللهِ، لا أُوثِرُ بنَصيبي مِنْكَ أَحَداً.[3] فَتَلَّهُ رسول الله في يَدِهِ.[4] متفقٌ عَلَيْهِ.

قَوْله: "تَلَّهُ" أيْ وَضَعَهُ. وهذا الغلامُ هُوَ ابْنُ عباس رضي الله عنهما.

باب كراهة الشرب من فم القِربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه لا تحريم

عن أَبي سعيدٍ الْخُدْريِّ رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اخْتِنَاثِ


 



[1]   قال العلماء: والحكمة فى شوبه أن يبرد أو يكثر أو للمجموع. (نووي)

[2]   إنما استأذن الغلام دون الأعرابي إدلالا على الغلام وهو ابن عباس ثقة بطيب نفسه بأصل الإستـئذان والأشياخ أقاربه وأما الأعرابي فلم يستأذنه مخافة من إيحاشه في إستـئذانه في صرفه إلى أصحابه وربما سبق إلى قلب ذلك الأعرابي شيء يأنف به لقرب عهده بالجاهلية. (عمدة القاري)

[3]   أي من قريب ولا شيخ؛ لما في ذلك النصيب من علوّ المقام المكتسب له بكونه سؤر المصطفى. (دليل الفالحين)

[4]     إفادات: وفيه جواز شوب اللبن بالماء لنفسه ولأهل بيته ولأضيافه وإنما يمتنع شوبه بالماء إذا أراد بيعه لأنه غش وفيه أنّ الجلساء شركاء في الهدية وذلك على جهة الأدب والمروءة والفضل والأخوة لا على الوجوب لإجماعهم على أنّ المطالبة بذلك غير واجبة لأحد. (عمدة القاري) استحباب التيامن فى كل ما كان من أنواع الإكرام وفيه أنّ الأيمن فى الشراب ونحوه يقدم وإن كان صغيرا أو مفضولا، الأيمن أحق ولا يدفع إلى غيره إلاّ بإذنه وأنه لا بأس باستئذانه وأنه لا يلزمه الإذن وينبغى له أيضاً أن لا يأذن إن كان فيه تفويت فضيلة أخروية ومصلحة دينية كهذه الصورة، البداءة باليمين فى الشراب ونحوه سنة، وفيه جواز شرب اللبن المشوب وفيه أنّ من سبق إلى موضع مباح أو مجلس العالم والكبير فهو أحق به ممن يجئ بعده. (نووي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

122