عنوان الكتاب: كتاب الآداب من رياض الصالحين

باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها وأمر من قصّر في حقها بالقيام بحقها وجواز الإرداف عَلَى الدابة إِذَا كانت تطيق ذلك

عن أَبي هُريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الخِصْبِ،[1] فَأعْطُوا الإبلَ[2] حَظَّهَا مِنَ الأَرْضِ، وَإِذَا سَافَرْتُمْ في الجدْبِ، فَأسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ، وَبَادِرُوا بِهَا نِقْيَهَا، وَإِذَا عَرَّسْتُمْ، فَاجْتَنِبُوا الطَّرِيقَ؛ فَإنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ، وَمَأوَى الهَوَامِّ بِاللَّيْلِ.[3] رواه مسلم.

مَعنَى "أعْطُوا الإبِلَ حَظَّهَا مِنَ الأرْضِ" أيْ: ارْفُقُوا بِهَا في السَّيْرِ لِتَرْعَى في حَالِ سَيرِهَا، وَقوله: "نِقْيَهَا" هُوَ بكسر النون وإسكان القاف وبالياءِ المثناة من تَحْت وَهُوَ: المُخُّ، معناه: أسْرِعُوا بِهَا حَتَّى تَصِلُوا المَقصِدَ قَبْلَ أنْ يَذْهَبَ مُخُّهَا مِنْ ضَنْك السَّيْرِ. وَ"التَّعْرِيسُ": النُزولُ في اللَّيلِ.

وعن أَبي قتادة رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ، فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَى كَفِّهِ. رواه مسلم.

قَالَ العلماءُ: إنَّمَا نَصَبَ ذِرَاعَهُ لِئَلاَّ يَسْتَغْرِقَ في النَّومِ، فَتَفُوتَ صَلاَةُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أوَّلِ وَقْتِهَا.


 



[1]      بكسر الخاء وهو كثرة العشب والمرعى وهو ضد الجدب. (نووي)

[2]      ونحوها من الخيل والبغال والحمير وخص الإبل لأنها غالب مراكب العرب. (فيض القدير)

[3]     إفادات: ومعنى الحديث الحث على الرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها فان سافروا فى الخصب قللوا السير وتركوها ترعى فى بعض النهار وفى أثناء السير فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها وإن سافروا فى القحط عجلوا السير ليصلوا المقصد وفيها بقية من قوتها ولا يقللوا السير فيلحقها الضرر لأنّها لا تجد ما ترعى فتضعف ويذهب نقيها وربما كلت ووقفت. (نووي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

122