عنوان الكتاب: دروس البلاغة

المبحث الثالث في أغراض التشبيه

الغرض من التشبيه: إمّا بيان إمكان المشبّه، نحو:

فَإنْ تَفُقِ الأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ
.

 

فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
[[

فإنّه لَمّا ادّعى أنّ الممدوح مبائن لأصله بخصائص جعلته حقيقة منفردة، احتجّ على إمكان دعواه بتشبيهه بالمسك الذي أصله دم الغزال.

وإمّا بيانُ حاله، كما في قوله:

المبحث الثالث في أغراض التشبيه: الغرض من التشبيه: إمّا بيان إمكان المشبّه وذلك إذا كان المشبّه أمراً غريباً ربّما يدعى الاستحالة فيه فيؤتي بتشبيه بما هو مسلم الإمكان; ليثبت به إمكان المشبّه نحو: فَإنْ تَفُقِ الأَنَامَ أي: بصفاتك الفاضلة التي متناهي إلى حدّ تصير بها أنت كأنّك مبائن للأنام ومنفرد منهم وَأَنْتَ مِنْهُمْ أي: والحال أنّك منهم بحسب الحقيقة; لكونك آدميًّا بالإصالة، فلا بعد في ذلك; فَإِنَّ الْمِسْكَ في أصله بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ وقد صار بكمال أوصافه خارجاً عن جنسه مبائناً له، فأنت مثل المسك، وحالك كحاله، وهذا التشبيه وإن لم يذكر في البيت صراحة لكنّه فهم منه ضمناً، والمقصود منه إثبات إمكان المشبّه; فإنّه لَمّا ادّعى أنّ الممدوح مبائن لأصله بخصائص وصفات جعلته تلك الخصائص والصفات حقيقة منفردة وكان ذلك مِمّا يستغرب جدًّا، ويمكن أن يدعى استحالته احتجّ على إمكان دعواه بتشبيهه بالمسك الذي أصله دم الغزال ومع ذلك صار هو مبائناً لأصله وشيئاً منفرداً بنفسه، وهذا مِمّا لا يشك في إمكانه أحد; لوقوعه، فيسلم إمكان الدعوى، ولا يشكّ في إمكانه أيضاً وإمّا بيان حاله بأنّه على أيّ وصف من الأوصاف وهذا إنّما يكون إذا علم السامع حال المشبّه به وجهل حال المشبّه، فيؤتى بالتشبيه; ليتقرّر به حال المشبّه، كما في قوله:  ï


 

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239