عنوان الكتاب: دروس البلاغة

الباب الأوّ ل في الخبر والإنشاء

كلّ كلام فهو إمّا خبر أو إنشاء، والخبر ما يصحّ أن يقال لقائله: إنّه صادق فيه أو كاذب، كـ½سافر محمّد¼، و½عليّ مقيم¼.

والإنشاء ما لا يصحّ أن يقال لقائله ذلك، كـ½سافر والإنشاء ما لا يصحّ أن يقال لقائله ذلك، كـ½سافر يامحمّد¼، و½أقم يا عليّ¼.

الباب الأوّل في الخبر والإنشاء لَمَّا كان ما ذكره من تقسيم الكلام إلى الخبر والإنشاء وتعريفهما وبعض الأحكام ككون كلّ جملة ذات ركنَين مِمّا لا اختصاص له بواحد من الخبر والإنشاء، جمعهما المصنّف في الباب الواحد، وذكر فيه هذه الأمور التي يشتركان فيها، ثُمَّ بعد الفراغ عن بيانها قسّم ذلك الباب إلى قسمَين: أحدهما في الكلام على الخبر وبيان ما يختصّ به من أحواله، والآخر في الكلام على الإنشاء وأحواله المختصّة به، وهذا الذي فعله أحسن وأنسب من الجعل لكلّ من الخبر والإنشاء باباً على حدة، كما جعل صاحب التلخيص وغيره كلّ كلام فهو بالاستقراء إمّا خبر أو إنشاء، والخبر ما أي: كلام يصحّ أن يقال لقائله: إنّه صادق فيه أو كاذب لأنّ القائل يقصد بذلك الكلام حكاية معنى حاصل في الواقع، فهذه الحكاية إن كانت مطابقة لِمَا في الواقع، يقال له: ½إنّه صادق فيه¼، وإن لم تكن مطابقة له، يقال له: ½إنّه كاذب¼ كـ½سافر محمّد¼، و½عليّ مقيم¼ فقصد القائل بالأوّل حكاية ثبوت السفر لـ½محمّد¼، وبالثاني حكاية ثبوت الإقامة لـ½عليّ¼ في الواقع، فإن حصل الطباق بين تلك الحكاية وما وقع في نفس الأمر بأن وجد اتّصاف محمّد بالسفر واتّصاف عليّ بالإقامة، ثبت صدقه، وإلاّ ثبت كذبه والإنشاء ما لا يصحّ أن يقال لقائله ذلك؛ لأنّه لا يقصد به الحكاية عن معنى حاصل في الواقع حتّى ثبت صدقه بمطابقة الحكاية، أو

كذبه بعدم مطابقتها، بل القصد به إحداث مدلوله وإيجاده بذلك اللفظ


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239