عنوان الكتاب: دروس البلاغة

الباب الثاني في الذكر والحذف

إذا أريد إفادة السامع حكماً، فأيّ لفظ يدلّ على معنى فيه فالأصل ذكره، وأيّ لفظ علم من الكلام لدلالة باقيه عليه فالأصل حذفه، وإذا تعارض هذان الأصلان فلا يعدل عن مقتضى أحدهما إلى مقتضى الآخر إلاّ لداع، فمن دواعي الذكر:

١ زيادةُ التقرير والإيضاح، نحو: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة: ٥].

الباب الثاني في بيان الذكر والحذف ودواعيهما إذا أريد من كلام إفادة السامع حكماً لعلّ الاقتصار على إفادة الحكم؛ لكونه أغلب، وإلاّ فهذا البيان يتأتّى على تقدير إفادة السامع علم المتكلّم بالحكم أيضاً فأيّ لفظ يدلّ على معنى فيه من معانيه فالأصل ذكره، وأيّ لفظ علم من الكلام لدلالة باقيه عليه فالأصل حذفه، وإذا تعارض هذان الأصلان بأن يكون اللفظ الواحد مع كونه دالاًّ على معنى فيه من معانيه مِمَّا يعلم من الكلام لدلالة باقيه عليه فلا يعدل حينئذ عن مقتضى أحدهما إلى مقتضى الآخر إلاّ لداع؛ لئلاّ يلزم الترجيح بلا مرجّح، فلا بدّ من معرفة دواعي كلّ منهما فمن دواعي الذكر: ١ زيادة التقرير والإيضاح المراد بالتقرير الإثبات في ذهن السامع، وبالإيضاح الكشف، فنفس التقرير والإيضاح حاصل في الحذف أيضاً عند وجود القرينة المعيّنة له، وفي الذكر زيادتهما لاجتماع الدلالة اللفظيّة مع الدلالة العقليّة حينئذ؛ فلهذا جعل داعي الذكر زيادةَ التقرير والإيضاح لا نفسهما نحو: ﴿ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ؛ فإنّ في ذكر أولئك الثاني من زيادة التقرير والإيضاح ما لو حذف ونصبت القرينة على حذفه لَم يكن، وليس المراد أنّ أولئك الثاني لو لَم يذكر


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239