عنوان الكتاب: دروس البلاغة

كقول  الخنساء:

طَوِيْلُ النِجَادِ رَفِيْعُ العِمَادِ
.

 

كَثِيْرُ الرَمَادِ إِذَا مَا شَتَا
[[

تريد أنّه طويل القامة سيّد كريم.

والثاني: كناية يكون المكنيّ عنه فيها نسبةً، نحو: ½المْجد بين ثوبَيه والكرم تحت رِدائه¼، تريد نسبة المجد والكرم إليه

واضحا فانقسمت القريبة إلى واضحة وخفية فكانت الأقسام لهذا القسم ثلاثة وقد اجتمعت في المثال الذي ذكره بقوله: كقول الخنساء طويل النجاد رفيع العماد كثير الرماد إذا ماشتى فإنها تريد من طويل النجاد بطريق الكناية القريبة الواضحة أنّه طويل القامة إذ لا شكّ أنّ طول النجاد اشتهر استعماله عرفا في طول القامة بحيث يفهم منه بلا تكلّف وبلا احتياج إلى واسطة فكانت واضحة قريبة وتريد من رفيع العماد بطريق الكناية القريبة الخفية أنّه سيد; فإن رفيع العماد مما يستدل به على السيادة وينتقل منه إليها لكن في هذا الانتقال نوع خفاء يزيل بالتأمل من غير احتياج إلى وسط فكانت قريبة خفية وتريد من كثير الرماد بطريق الكناية البعيدة أنّه كريم أي: لأن الانتقال من كثيرة الرماد إلى الكرم يحتاج إلى وسائط كثيرة كما ستعلم من كلام المصنف فكانت هذه الكناية بعيدة ثم هذه الكنايات إنما كانت كنايات عن الصفة لا عن النسبة; لأنّ النسبة هاهنا مصرّح بها فهي ليست مقصودة بالكناية وإنّما المقصود وبالذات الوصف فكان المكنى عنه في هذه الكنايات الصفة.

والثاني كناية يكون المكنى عنه فيها نسبة أي نسبة صفة للموصوف نحو المجد بين ثوبيه والكرم تحت ردائه; فإن إثبات المجد والكرم لما يحيط بالممدوح ويشتمل عليه وهو الثوب كناية عن إثباتهما لذات الممدوح فكان المكنى عنه فيها نسبة المجد والكرم إليه لا نفس المجد والكرم; لأنهما مذكوران صريحا فلا تريد أنفسهما بطريق الكناية بل تريد نسبة المجد والكرم إليه فكان المكنى عنه فيها النسبة  ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239