عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ؟))[1] وقال صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطَاءَ[2] وَخَدَمَتْهُمْ فَارِسُ وَالرُّوْمُ سَلَّطَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ))[3] قال ابن الأعرابي: هي مشية فيها اختيال وقال صلى الله علي وسلم: ((مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ وَاخْتَالَ فِي مَشْيَتِهِ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ))[4].

الآثار: عن أبي بكر الهذلي قال: بينما نحن مع الحسن إذ مر علينا ابن الأهتم يريد المقصورة[5] وعليه جباب خز[6] قد نضد بعضها فوق بعض على ساقه وانفرج عنها قباءه وهو يمشي يتبختر إذ نظر إليه الحسن نظرة فقال: أف أف شامخ بأنفه[7]، ثاني عطفه، مصعّر خده[8]، ينظر في عطفيه، أي حُمَيْق![9] أنت تنظر في عطفيك في نعم غير مشكورة ولا مذكورة غير المأخوذ بأمر الله فيها ولا المؤدي حق الله منها! والله أن يمشي أحد طبيعته يتخلج تخلج المجنون في كل عضو من أعضائه لله نعمة، وللشيطان به لَفْتَة[10]، فسمع ابن الأهتم فرجع يعتذر إليه فقال: لا تعتذر إليّ وتُبْ إلى ربك أَ مَا سمعت قول الله تعالى: ﴿وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّكَ لَن تَخۡرِقَ ٱلۡأَرۡضَ وَلَن تَبۡلُغَ ٱلۡجِبَالَ طُولٗا[الإسراء:٣٧].

ومر بالحسن شاب عليه بِزة[11] له حسنة فدعاه فقال له: ابن آدم معجب بشبابه محب لشمائله، كأن القبر قد وارى بدنك وكأنك قد لاقيت عملك، ويحك! داو قلبك فإن حاجة الله إلى العباد صلاح قلوبهم. وروي أن عمر بن عبد العزيز حج قبل أن يستخلف فنظر إليه طاوس وهو يختال في مشيته فغمز[12] جنبه بأصبعه ثم قال: ليست هذه مشية من في بطنه خرء، فقال عمر كالمعتذر: يا عم لقد ضرب كل عضو مني على هذه المشية حتى تعلمتها. ورأى محمد بن واسع ولده يختال فدعاه وقال: أتدري


 



[1]      سنن ابن ماجة، كتاب الوصايا، باب النهي عن الامساك...الخ ، الحديث :۲۷۰۷،  ۳/۳۰۷.

[2]      أي تبختروا في مشيتهم عجباً واستكباراً. (اتحاف)

[3]      سنن الترمذي، كتاب الفتن، الحديث :۲٦٦۸،  ٤ /۱۱٥ بتغير.

[4]      السمند للامام احمد بن حنبل، مسند عبدالله بن عمر بن الخطاب ، الحديث : ٦۰۰۲ ،  ٢/٤٦٢.

[5]      وهو الموضع الذي جعل شبه القصر على يمين المحراب أحدثها بنو أمية. (اتحاف)

[6]      أي الحرير. (المنجد)

[7]      وهو كناية عن المتكبر يقال: شمخ بأنفه إذا تكبر. (اتحاف)

[8]      أي ماله عن الناس إعراضا وتكبرا. (اتحاف)

[9]      أي يا أحمق وهو مصغر أحمق. (اتحاف)

[10]    هي المرة الواحدة من الالتفات. (النهاية)

[11]    البزة: بالكسر الهيأة. (اتحاف)

[12]    أي كبس. (لسان العرب)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178