عنوان الكتاب: منتخب الأبواب من إحياء علوم الدين

فزحمه بعض الزحمة فرأى أثر ذلك في وجهه فقال: عجباً لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين. وقال الحسن: العجب من ابن آدم يغسل الخُرْء[1] بيده كل يوم مرة أو مرتين ثم يعارض جبار السموات.

وقد قيل في: ﴿وَفِيٓ أَنفُسِكُمۡۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ[الذريات:٢١] هو سبيل الغائط والبول وقد قال محمد بن الحسين بن علي: ما دخل قلب امرئ شيء من الكبر قط إلا نقص من عقله بقدر ما دخل من ذلك قل أو كثر. وسئل سليمان عن السيئة التي لا تنفع معها حسنة، فقال: الكبر. وقال النعمان بن بشير على المنبر: إن للشيطان مصالي وفخوخاً[2] وإن من مصالي الشيطان وفخوخه البطر[3] بأنعم الله والفخر بإعطاء الله والكبر على عباد الله واتباع الهوى في غير ذات الله. نسأل الله تعالى العفو والعافية في الدنيا والآخرة بمَنّه وكرمه.

 

بيان ذل الاختيال وإظهار آثار الكبر في المشي وجر الثياب:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى رَجُلٍ يَجُرُّ إِزَارَهُ بَطَرًا))[4] وقال صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ فِي بُرْدَتِهِ إِذْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللهُ بِهِ الأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ[5] فِيْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ))[6] وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))[7] وقال زيد بن أسلم: دخلت على ابن عمر فمر به عبد الله ابن واقد وعليه ثوب جديد فسمعته يقول: أي بني ارفع إزارك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ خُيَلاءَ))[8] وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوماً على كفه ووضع أصبعه عليه وقال: ((يَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى: ابْنَ آدَمَ أَتُعْجِزُنِيْ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ حَتّى إِذَا سَوَّيْتُكَ وَعَدَلْتُكَ مَشَيْتَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ وَلِلأَرْضِ مِنْكَ وَئَيْدٌ[9] جَمَعْتَ وَمَنَعْتَ حَتَّى إِذَا بَلَغَت التَّرَاقِيَ[10] قُلْتَ أَتَصَدَّقُ


 



[1]      أي العَذَِرة. (لسان العرب)

[2]      المصالي: هي تشبه الشَّرك جمع مصلاة وأراد ما يستفز به الناس من زينة الدنيا وشهواتها. وفخوخاً: جمع فخ آلة يصاد بها. (التيسير)

[3]      أي الطغيان عند النعمة. (اتحاف)

[4]      صحيح مسلم، كتاب اللباس، باب تحريم جر الثوب خیلاء ، الحديث:۲۰۸۷، ص:۱۱٥٦.

[5]      أي يتحرك وينزل مضطرباً. (اتحاف)

[6]      صحيح مسلم، كتاب اللباس، باب تحريم التبخترفي المشی ...الخ ، الحديث :۲۰۸۸، ص:۱۱٥٦.

[7]      صحيح البخاری، كتاب فضائل اصحاب النبی، باب قول النبی:لو كنت متخذا ...الخ  ، الحديث: ٢٠٨٧،  ٢/٥١٨.

[8]      صحيح مسلم، كتاب اللباس، باب تحريم جرالثوب خیلاء ...الخ ، الحديث: ۲۰۸٥، ص:۱۱٥٥.

[9]      أي صوت شدة الوطء على الأرض. (النهاية)

[10]    جمع ترقوقه وهي عظام العنق. [علمية]




إنتقل إلى

عدد الصفحات

178